دردشة رمضانية مع الشاعر مراد القادري: “رمضان لا يكتملُ إلا بعد تناول ” الحريرة” مثنى و ثلاث و رُباع”

دردشة رمضانية زاوية تطالعونها خلال شهر رمضان المبارك على موقع “الكوليماتور” نستضيف من خلالها عدداً من الشخصيات الثقافية و الفنية المعروفة، نتعرف من خلالها على أذواقهم ونشاطاتهم خلال هذا الشهر الفضيل. يسرنا في زاوية اليوم أن نستقبل الشاعر مراد القادري، رئيس بيت الشعر في المغرب.

ماذا يعني لك شهر رمضان؟

شهرُ رمضان يَعْني لي المُصالحة مع الذّات، وانبعاثُ ذكرياتٍ غارقةٍ في القعْـــر…لا تتاحُ الفُرص، طيلة السنة، لاستدعائِها. ذكرياتٌ تظلّ تنتظرُ مقْــدم هذا الشهر الفضيل لتقفزَ إلى السّطح، فأستعيدُ معها مواقِفَ و لحظاتٍ تساعدُني على تحمّل العالم و قبحِه. أقوى هذه الذكريات تأتي محَمّلة على حاسّتيْ الشمّ والسّمع: رائحة الجِيرْ الذي طَلت به أمّهاتنا الجدران الخارجية للبيوت والمنازل، رائحة الحريرة… رائحة اللاشيء في الصباح، حيث يكونُ عليك أنْ تغادر إلى المدرسة بكرشٍ فارغة محرُومة من وجبة الفطور….هذا بالنسبة لرائحة الشّمّ. أمّا بالنسبة لرائحة السّمع، فيتعلّق الأمر بأصوات “الطبال” و “النفار” التي كانت تصلُ إلى مسامعنا، تدعونا إلى القيام لتناول وجبة السحور، هذا علاوة على صوت المؤذن في الصومعة، يهلل، و يكبر، و يُنشد في صوت بديع قبل آذان الفجر…

هل رمضان يعني لك تراجع في حيويتك المعتادة؟

على العكْس من ذلك، يمنحُنا شهرُ رمضان إيقاعا مُختلفا، ومُغايرا لما اعتدْنا عليه طيلة السنة. وهُو ما يجعلنا أمامَ خيارات غيرِ مألوفة، كمُمارسة الرياضة، أوْ العودة إلى مخْزون ما تراكم لديّ من كتب لم أجدْ الوقت الكافي لقراءتها، أو حتّى إكمال مشاريع قصائد مؤجّلة. هو شهرٌ كريم، و قد كان كريما معي، فقد أنهيتُ، خِلاله، أطروحة الدكتوراه، كما استكملتُ أحد دواويني الشعرية “طرامواي” خلال رمضان كذلك.

ماهو طبقك المفضل خلال هذا الشهر؟

في رمضان، الحريرة سيّدة المائدة، ولا يُمكنُ تصوّرُ هذا الشهر بدُون هذه الشّوربة السّحرية، الدّافئة والغنيّة بالقطانين والتي تنزلُ بردًا و سلاما إلى المعِدة بعد يوم صيام.

شخصيا، لا أفهمُ كيف يكونُ رمضان، بالنسبة للبعض، ممن لا يجعلُون من الحريرة وجْبتَهم الأولى. و لا أخْفي عليك أنني لو كنت مُفتيا، أو رجلَ دين، لاعتبرتُ صيام هؤلاء ناقصًا، لا يكتملُ إلا بعد تناول ” الحريرة” مثنى و ثلاث و رُباع.

ما هو وقتك المفضل خلال يوم الصيام؟

إنها الدقائق الخمسُ التي تسبقُ آذان المغرب، والتي أكون فيها جالسا متربّصا، أُشهّي العيْن والبطنَ بما يوجدُ على مائدة الإفطار، منْغمسا في صراعٍ محمومٍ حول الخُطط والاستراتيجيات التي سأعتمدها للانتقام من الجوع و الحرمان.