من أسرة فلاحية فقيرة، ومن منطقة نائية، جاء لويس ايناسيو لولا دا سيلفا. نقابي يساري، اشتغل، منذ سن السابعة، إلى ان بلغ سدة السلطة في اكبر بلد بأمريكا الجنوبية. ليست هذه هي المرة الأولى، التي يعتلي فيها داسيلفا مقعد الرئاسة بالبرازيل. فقد سبق لهذا الزعيم النقابي، والقيادي بالحزب العمالي اليساري، ان ترأس الحكم في بلاده لولايتين سابقتين. غير انه، بعد اخر ولاية له في الرئاسة، تكون قد مرت عشرون سنة، قضى منها سنة ونصفا بالسجن، تحت ذريعة الاتهام بالفساد.
ما من شك في ان الولاية الرئاسية الحالية، التي فاز فيها لولا اليساري على خصمه الليبرالي بولسونارو، بنسبة 50,87 مقابل 49,13، ستختلف عن ولايتيه الرئاسيتين السابقتين لأسباب عديدة، منها الانقسام السياسي الحاد بين البرازيليين من جهة، وتفاقم أزمة الجوع بين اكثر من ثلاثة وثلاثين من البرازيليين من جهة اخرى.
تبدو التحديات المطروحة على لولا هائلة اليوم. والرهان على “حصان” شخصه، في هذه اللحظة الراهنة الصعبة عالميا، له اكثر من سهم رابح، لإعادة حكم اليسار بالبرازيل، نظير ما بات يحدث في أكثر من بلد في أمريكا الجنوبية الحالية.
هل يعترف اليسار البرازيلي الذي يستعد للحكم، تحت قيادة لولا، بجبهة البوليزاريو؟ في البداية، لايمكن الانطلاق من مبدأ ان اليسار، بجميع أشكاله ومرجعياته، منحازة ألى اطروحة الانفصال في قضية الصحراء المغربية. الانطلاق من مثل هذه الاصطفافات، العائدة إلى التشابه في أنظمة الحكم، لا يصف الواقع الدقيق، وبخاصة في قضايا لها اعتبارات ترابية وطنية تاريخية حاسمة. الموقف الإسباني الايجابي من الوحدة الترابية للمغرب، بقرار من الحزب الاشتراكي، تحت قيادة بيدرو سانشيز، خير دليل على الاستجابة المتزايدة للطرح المغربي، بخصوص ما يصطلح عليه جغرافيا “الصحراء الغربية”. ولنا في أكثر من بلد أمريكي لاتيني أكثر من مثال، وفي الطليعة دولة البرازيل، التي ظلت منحازة الى الطرح المغربي، او على الاقل قريبة منه، حتى تحت رئاسة لولا في ولايتيه السالفتين.
لقد ظلت البرازيل تناى بنفسها عن سياسة دعم الإنفصال، بحكم طبيعة نظامها الفيدرالي، حيث السيادة فيها ثابتة للدولة، بغض النظر عن تتالي الحكومات، وتغيرها المستمر.
من جهة اخرى، فإن من شأن العلاقات التجارية القوية بين البلدين ان تدرأ كل شرخ غير مطلوب، في ما يخص المواقف من القضايا المصيرية لكل بلد. فالبرازيل تشكل، كما هو ثابت، ومنذ عقود عديدة، شريكا اقتصاديا وتجاريا كبيرا للمغرب. وحسب بعض الاحصائيات، فقد تضاعفت صادرات البرازيل إلى المغرب بست مرات، في حين سجلت صادرات الأخير الى الأولى ما يناهز ملياري اورو. وفي انتظار تنمية هذه العلاقات الثنائية، بتأثير من الأزمة الغذائية العالمية، يتوقع ان يستمر التفاهم والتعاون بين الدولتين/ الشعبين في السنوات القادمة.