مرت 19 سنة على أحداث 16 ماي الإرهابية، الحدث التاريخي الذي هز خمسة مواقع في عمق الدار البيضاء، وأودى بحياة 45 شخصا ضمنهم 12 انتحاريا، وكان له وقع كبير على الرأي العام المغربي. و بهذه المناسبة الأليمة، أصدر المرصد المغربي لنبذ الإرهاب و التطرف “نداء” توصل موقع “الكوليماتور” بنسخة منه، يدعو فيه إلى مواصلة الجهود من أجل معالجة أسباب التطرف و تجفيف منابعه حتى يتسنى لبلدنا دحر هذه الٱفة بشكل تام.
تحل الذكرى الأليمة لمأساة 16 ماي هذه السنة في سياق دولي وإقليمي خاص، وكما هي العادة يتخذ منها المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف مناسبة للتقييم، و تجديد أطروحته بضرورة اعتبار مناهضة التطرف والإرهاب مسؤولية دولية، وها ذا ما أكده عمليا الجهاز الأمني الاستباقي المغربي، الذي لم يراهن على احتكار المعلومة كلما تعلق الأمر بمخطط إرهابي في أي بقعة في العالم، فكان صمام أمان بخبراته وقيمه لعدد من الدول أوشكت يد الغدر أن تطالهم لولا الرؤية المبكرة للدولة المغربية في ترسيخ مفهوم مواجهة الإرهاب مسؤولية دولية، وها نحن كمغاربة نفخر بانعقاد التحالف الدولي ضد داعش، بدعوة مغربية أمريكية، مما رجح سداد التصور المغربي المبكر حول ضرورة خلق جبهة دولية ذات طابع تنسيقي واستباقي وتدخلي لتطويق التطرف وحاضنات العنف باسم الدين.
طبعا نحن فخورون بهذا اللقاء الدولي وفخورون أكثر بإثارة المغرب لحاضنات الإرهاب إفريقيا وضرورة استحضار إفريقيا ضمن الاستراتيجية الدولية لمواجهة داعش، وفخورون في الوقت نفسه أن مراكش هي عاصمة هذا الانجاز الدولي وهو اعتراف رمزي بدور المغرب وقوة منظومته الأمنية ضد الإرهاب وعرفان دولي بمساهمات المغرب القوية في اجهاض مخططات إرهابية خارج حدوده.
وفي السياق ذاته تحل الذكرى الأليمة والعالم على شفا حرب دولية قد تتسع فتهدد السلام والتسامح والتعايش، للأسف مع هذه الحرب الدائرة في أوكرانيا انتعش خطاب الكراهية و تعالت الإيديولوجيات القومية التي لا تقل خطرا عن التطرف باسم الدين، والعالم اليوم مدعو أكثر لتطويق كل خطاب للكراهية يستغل ظروف الحرب، بتعريفه بالبعد الجيو سياسي لهذه الحرب ورفع الوعي باسبابها السياسية والاقتصادية بعيدا عن التأليب القومي والديني والعنصري.
وبالمناسبة يدعو المرصد المغربي لنبذ الإرهاب و التطرف إلى تقديم مزيد من الضمانات القانونية لرجل الأمن الميداني وحمايته كلما تعلق الأمر بمزاولة عمله، وإن كنا لا نبخس ما قامت به السلطات المركزية للأمن الوطني في استنهاض الهمم ورفع المعنويات والاعتناء بالترقية الاجتماعية والمهنية وتحقيق عدد من المكاسب فالأمر سيظل غير مكتمل دون الرفع من المناصب المالية لقطاع الأمر الذي لا يعاني من ضعف الكفاءة بل من عدم كفاية الموارد البشرية، وننتهز الفرصة للمطالبة باطلاق سراح الشرطي الدراجي وعدم اعتباره مجرما والمرصد لا يقبل تقديمه كبش فداء لإرضاء المزاج الشعبي، لأن الأمر خطير جدا ويهدد هيبة الدولة، والاحتكام إلى القانون . وبالمناسبة نجدد الدعوة لفتح نقاش عمومي لتشكيل جبهة موحدة لمناهضة الإرهاب وخطاب الكراهية، يلتئم حولها المدني والقطاع العمومي والخاص والأمني والقضائي لوضع استراتجية وفق دفتر تحملات يحدد دور كل طرف في الزمان والمكان.
ونجدد نداءنا لدعم المجتمع المدني المشتغل على قضايا التطرف لما لهذا الموضوع من تحملات بشرية ومالية ومادية تفوق قدرات المجتمع المدني، ودعم الدولة مطلب عاجل لا يحتمل التأجيل.
ونجدد أيضا مطالبنا بدعم جهاز الأمن والقوات العمومية بمزيد من الضمانات القانونية وعدم الاستسهال مع المجرمين بمنظومة أمنية حال الوقت أن تراجع في أفق حماية الأمني من الشطط.
رحم الله شهداء خناجر الغدر مدنيين وأمنيين… ولنا أمل أن المغرب الآمن وراءه رجال ونساء قدموا الغالي والنفيس لأجل الوطن.