بقلم: زكية لعروسي

في سماء الدبلوماسية المغربية، تتألق المرأة كالشمس التي لا تغيب، حضورها وازن، وصوتها مسموع، وجهودها بصمة ذهبية في سجل العلاقات الدولية. منذ عقود، والمرأة المغربية تحجز لنفسها مكانة مرموقة في المحافل الدبلوماسية، بفضل رؤية ملكية حكيمة تدرك أن “النصف الناعم” قادر على حمل القضايا الوطنية بحنكة وإصرار، تماما كما يقول المثل المغربي: “اللي عندو مرا ما يخسرش المشورة”، فالمرأة ليست فقط مستشارة حكيمة، بل رائدة في صناعة القرار.
منذ تولي جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة، شهدت الدبلوماسية المغربية تحوّلا نوعيا، حيث فتح الباب واسعا أمام الكفاءات النسائية، إيمانا بأن “يد واحدة لا تصفق”، وأن تحقيق الأهداف الوطنية الكبرى يتطلب مشاركة الجميع، رجالا ونساء، على قدم المساواة. وهكذا، شهدنا صعود المرأة المغربية في مناصب المسؤولية داخل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، لتصبح اليوم سفيرة لبلدها في أكبر العواصم العالمية.
بينما نحتفل، في 8 مارس، باليوم الدولي للمرأة، تستمر تمثيلية النساء داخل هياكل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج في تزايد مستمر، خاصة على مستوى مناصب المسؤولية، مما يعكس الالتزام القوي للمغرب بالعمل على تحقيق المساواة وبتثمين الكفاءات النسوية pic.twitter.com/LvXxT5k2Mi
— الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) March 8, 2025
إنجازات المرأة المغربية في المجال الدبلوماسي لا تُعدّ ولا تحصى، فقد أثبتت جدارتها في تمثيل المملكة بأرقى المستويات، سواء في منصب سفيرة، أو قنصل عام، أو مسؤولة بوزارة الخارجية. ولنا في التاريخ أمثلة لا تُنسى، على رأسها الأميرة للا عائشة، التي لم تكن فقط أول سفيرة في المغرب، بل أول امرأة في العالم العربي تتبوأ هذا المنصب، وكأنها تقول بلسان حالها: “ما دْرناش بيك الخير باش تبقي فالدّار”، فالمرأة المغربية لا تقبل أن تكون متفرجة، بل فاعلة في صياغة المستقبل.
واليوم، تستمر هذه المسيرة من خلال شخصيات نسائية بارزة مثل:
-كريمة بنيعيش، التي تدير بحنكة سفارة المغرب في مدريد، وتعزز جسور العلاقات مع الجارة الإسبانية.
-كريمة القباج، التي تمثل المغرب في هنغاريا، وتلعب دورا محوريا في تعزيز التعاون الثنائي.
-زكية الميداوي، التي تسهر على تمتين علاقات المغرب ببلغاريا.
إن هؤلاء النساء وغيرهن الكثير يبرهن أن الدبلوماسية ليست مجرد أروقة سياسية، بل هي فن بناء الجسور وتقريب المسافات، والمرأة المغربية تحمل في جعبتها مهارات التفاوض بحكمة “الدار الكبيرة ليها مرا حكيمة”.
ليس غريبا أن نرى المغرب يبرز كنموذج في إدماج المرأة في حل النزاعات والوساطة الدبلوماسية، فقد أصبح حضورها ضروريا في كل مساعي السلام، تماما كما يُقال: “الصلح بين يدي المرأة، والدمار بين يدي الجهّال”. ولعل مشاركتها الفعالة في اللقاءات الدولية حول حفظ الأمن والسلم دليل على أن “المرأة مدرسة”، لا فقط في تربية الأجيال، بل في نشر ثقافة الحوار والتفاهم.
“الطريق الطويلة تبدأ بخطوة”، والمرأة المغربية قطعت أشواطا كبيرة في مجال الدبلوماسية، لكنها لا تزال تطمح للأعلى، لأن سقفها ليس فقط السماء، بل أبعد من ذلك بكثير. ومع استمرار هذا الزخم، يبدو أن المستقبل سيحمل لنا مزيدا من الأسماء النسائية في أعلى المناصب الدبلوماسية، تأكيدا على أن “اللي يخدم بإخلاص، توصلو رجليه لبعيد”.
إن المرأة المغربية لم تعد مجرد رقم في المعادلة الدبلوماسية، بل أصبحت ركنا أساسا في إشعاع صورة المغرب عالميا. وإن كان الدبلوماسيون رجالا ونساء يبذلون جهودا في هذا المجال، فلا يمكن إنكار أن “وردة وحدة ما كتشكل الربيع، ولكن بلا بيها ما يزهرش البستان”.