بقلم: عبد الدين حمروش
صدر للشاعرة المغربية، زكية لعروسي، المقيمة بباريس، ديوان شعري، بعنوان “نامي يا سليلة الغياب”، عن دار Polyglotte التي يشرف عليها الشاعر والمترجم نصر الدين بوشقيف. والديوان الأول للشاعرة، الذي يضم ثلاثا وثمانين قصيدة، صدر في طبعة أنيقة، صمم غلافها المشرف على النشر نفسه.
وكما هو واضح من العنوان، فالديوان غلبت عليه السمة الغنائية، ذات الصوت المفرد المتماهي مع ضمير المتكلم. ولذلك، يلاحظ القارىء انسياب النصوص بتلقائية، إلى درجة يتحول معها “العالم”، المحكي بلغة انفعالية، اعتمادا على آلية الحكي- البوح، إلى موضوع، تكون الذات منطلقه ومنتهاه.
بمنأى عن كل نثرية صماء، للنصوص كثير مما تكشف عنه، من انفعلات بالعالم وفيه. ولذلك، تبدو هذه النصوص، وهي تحكي عن ذات متمركزة، كأنها كتبت في دفعة واحدة، أو كأنها صيغت في نص واحد. من جهة أخرى، وإضافة إلى انسيابيتها الإيقاعية، آلت النصوص إلى نوع من التدفق الاستعاري، حيث “الذات” فيها المرجع الأول والأخير. ومثلما تحدثنا عن النص الواحد، يمكن أن نتحدث، أيضا، عن الصورة “الاستعارية” الواحدة، الممتدة في مختلف المفاصل النصية.
الديوان الأول للشاعرة زكية لعروسي، الصادر هذه السنة 2024، صار يترجم دينامية شعرية قوية في بلدان المهجر. والأمر لم يعد يتعلق بالأدب المغربي، المكتوب باللغات الأجنبية فقط، بل باللغة العربية ذاتها. وكما تحقق لبلدان المشرق، منذ عقود طويلة خلت، وعلى أيدي الرواد من أدباء الرابطة القلمية، أضحى للمغرب أدباؤه المهجريون، الذين باتوا يرفدون الأدب المغربي (المكتوب بالعربية أساسا) بنصوص مختلفة، من حيث أساليب الكتابة وأسئلتها.