دردشة رمضانية مع الشاعر محمد بوجبيري: “حين يحضر هذا الشهر الفضيل ينتابني الحنين حد الرغبة العارمة في البكاء”

دردشة رمضانية زاوية تطالعونها خلال شهر رمضان المبارك على موقع “الكوليماتور” نستضيف من خلالها عدداً من الشخصيات الثقافية و الفنية المعروفة، نتعرف من خلالها على أذواقهم ونشاطاتهم خلال هذا الشهر الفضيل. يسرنا في زاوية اليوم أن نستقبل الشاعر و المبدع محمد بوجبيري.

ماذا يعني لك شهر رمضان؟

شهر رمضان شهر يزلزل السَّير العادي للزمن المعتاد في حياة الناس، بحيث تتغير بعض العادات في الأكل والنوم. حين يحضر هذا الشهر الفضيل ينتابني الحنين حد الرغبة العارمة في البكاء.هذا الأخير الذي يختار أن يكون هامعا مدرارا في الدواخل، إذ أستعيد طفولتي في بلدتي النائية بين الجبال. تتدفق ذكريات لا تبلى مع أمي وأبي رحمهما الله، ومع أخي وأخواتي وباقي الجيران الطيبين، بالإضافة إلى بساتين الزيتون والوادي والبحيرة ورفاق الصبا. عالم زاخر بالمحبات والذكريات، ولم يبق منه إلا ما لم تسمح الذاكرة أن يتسلل منها جهة النسيان.

هل رمضان يعني لك تراجع في حيويتك المعتادة؟

حيويتي معتادة على حيويتها ونشاطها، بحيث برنامجي اليومي يظل كما هو من حيث ما أقوم به من نشاط ذي طبيعة إبداعية وثقافية. أنام متأخرا، كما هو الأمر في باقي الشهور، وأستيقظ حوالي السابعة والنصف أو الثامنة صباحا، وبعد وقفة في الشرفة أو “البلكون” أستطلع فيها أحوال السماء، كما أسعد بالنظر إلى بعض الأشجار المتنوعة في جوار البيت، وبعض المباني الشاهقة التي تبدو من بعيد، خاصة مسجد الحسن الثاني والعمارتان الشاهقتان المعروفتان ب ” تْوينْ سانْتَرْ ” (Twin Center). بعد ذلك أجلس لأحرر بعض الكتابات أو لأشرع في قراءة كتاب، وأحيانا إذا شعرت بأنني في حاجة إلى النوم أغفو بعض الوقت، وحين أنهض أخرج لكي أقتني ما يلزم من أشياء لإعداد وجبة الفطور، لأن أكره ما اكره هو أن أجد نفسي في زحام الزبناء وصياحهم وتدافعهم بعد العصر مباشرة في المخبزة وعند الجزار وبائع السمك، بحيث تنتفي اللباقة كما اللياقة عند البعض ليصبحوا أشخاصا مفرطين في الأنانية بل وقحين حين يَدَّعونَ ” التْرَمْضينَة “، كما نقول باللسان الدارج، ويخرجون عن جادة الصواب ليتفوهوا بما لا يليق من كلام ساقط ضاربين عرض الحائط البعد الحقيقي للصوم الذي هو التحلي بمكارم الأخلاق، وحسن السلوك والتعامل مع الآخرين.

ما هو طبقك المفضل خلال هذا الشهر؟

الطبق المفضل هو الحريرة، وأنا في هذا الإطار لابد من أتوجه بالشكر والامتنان إلى الزوجة الكريمة التي تهيؤها بشكل لذيذ، إلى حد أن مروان يعلق، وهو يتلذذ بمذاقها:” ولا أروع” شاكرا لأمه مهارتها في طبخ هذه الشربة الشهية المحتوية على كل ما يحتاجه الجسم من منافع تكاد لا تعد ولا تحصى. أحيانا لا أضيف إلى هذا الحساء اللذيذ أيَّ شيء، كما لو أنني أريد أن يظل في فمي طعمه بعض الوقت، ثم أحتسي بعدها كأس شاي. عموما لست من الآكلين النهمين. لا أملأ معدتي دفعة واحدة، أفضل أن أستدرك بعد ساعتين فأتناول بعض “الشْهيوات” التي أجَّلت تناولها في الفطور. أكلة خفيفة لا تثقل على البطن أدفع بها إحساسي بالجوع، وتعطيني ما يكفي من طاقة لأواصل السهر.

ما هو وقتك المفضل خلال يوم الصيام؟
بعد أن أُحِلت على المعاش أصبحت سيد أوقاتي. أوزعها وأبرمجها كما يحلو لي، لأنني غير مرتبط بواجب ما. في رمضان الوقت المفضل هو الذي أقضيه في المشي والتجول بين أحياء المنطقة التي أسكن فيها، والتي تزخر بعدة أسواق شعبية أهمها سوق “وَلْدْ مّينَة” المشهور في الحي الحسني بل على صعيد مدينة الدار البيضاء، بحيث تجد فيه كل ما يمكن أن تتصوره. ما يهمني هو زيارة بائعي الكتب المستعملة حيث أظفر بين الحين والآخر  بكتاب مفيد بثمن مناسب جدا، وكمثال فقط اشتريت مؤخرا كتابا من الحجم الكبير. عدد صفحاته 621 بخمسين درهما. الكتاب هو” الأديان والمذاهب بالعراق” للباحث رشيد الخيّون. منشورات الجمل. الطبعة الثانية 2007.