أخبارسياسة

الحكم الذاتي في الصحراء: منصة مغربية مُحدَّثة لحل النزاع (2025).

بقلم: محمد خوخشاني

بقلم: محمد خوخشاني

​تحت إشراف الأمم المتحدة، أطلق المغرب رسمياً منصة جديدة مُحدَّثة لمبادرة الحكم الذاتي، تستند إلى مبادئ الجهوية المتقدمة وتفصل بوضوح صلاحيات الدولة عن اختصاصات الإقليم. فما هي أبرز ملامح هذا المشروع الذي يسعى لتحقيق حل سياسي واقعي ودائم للنزاع الإقليمي حول الصحراء؟

​يأتي “مشروع تحديث مبادرة الحكم الذاتي لسنة 2025” استجابة للتوجيهات الملكية التي دعت القوى السياسية الوطنية إلى إثراء الوثيقة الأصلية التي قُدّمت للأمم المتحدة في 2007. وتهدف هذه الوثيقة الجديدة إلى أن تكون الأساس الموحد لجولة حوار قادمة تحت إشراف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة.

​أولاً: الإطار العام والضمانات

​يُرسّخ المشروع مبدأ رئيسياً لا تراجع عنه: يتمتع إقليم الصحراء بوضع الحكم الذاتي في إطار السيادة الكاملة للمملكة المغربية ووحدتها الترابية والوطنية.

​ضمانة دستورية: يُضمَن هذا الوضع بنص دستوري وقانون تنظيمي يصدر عن البرلمان المغربي. ​استقرار الوضع: لا يمكن تعديل وضع الحكم الذاتي إلا بموجب أغلبية معزَّزة داخل البرلمان، ما يضمن استقراره على المدى الطويل.

​حقوق شاملة: يتمتع السكان بكافة الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك حماية الموروث الثقافي الحسّاني.

​ثانياً: مؤسسات جهة الحكم الذاتي

​يقترح المشروع إحداث ثلاث مؤسسات رئيسية لضمان حكامة ديمقراطية وفعّالة للإقليم.

​البرلمان الجهوي: هيئة تشريعية تُنتخب بالاقتراع العام المباشر، وتتمتع بصلاحيات وضع القوانين في حدود اختصاصات الجهة.
​الحكومة الجهوية: تتألف من رئيس وأعضاء مسؤولين عن القطاعات المحالة. تمارس السلطة التنفيذية داخل الإقليم وتُشرف على السياسات العمومية الجهوية.

​المجلس الاستشاري الصحراوي: يُعتبر صوتاً للمجتمع، إذ يضم شيوخ القبائل، والشباب، والنساء، والفاعلين الاقتصاديين. يُقدّم هذا المجلس آراءً ملزمة حول السياسات الجهوية.

​ثالثاً: توزيع الصلاحيات: فصل واضح بين الدولة والجهة

​يُحدد المشروع ثلاث مستويات للاختصاصات لضمان عدم تضارب الأدوار:

​اختصاصات حصرية للإقليم: وهي القضايا المحلية المباشرة التي تُدار بالكامل من طرف سلطات الحكم الذاتي، مثل: التنمية الاقتصادية، التخطيط الترابي، التعمير، البيئة، الصحة، التعليم، الثقافة الحسانية، وتشجيع الاستثمار وخلق فرص الشغل.

​اختصاصات مشتركة: تُمارس بالشراكة بين الدولة والجهة، وتشمل أساساً: تدبير الموارد الطبيعية (كالماء والطاقات المتجددة) ومحاربة الاقتصاد غير المهيكل.

​اختصاصات سيادية للدولة: تبقى تحت السلطة الحصرية للدولة المركزية، وتشمل: الدفاع الوطني، الأمن الخارجي، العملة، الشؤون الخارجية، القضاء الأعلى، والجنسية.

​رابعاً: ضمانات الحكامة الاقتصادية وحقوق الإنسان

​يُركّز المشروع على الشفافية المالية وتدبير الموارد لصالح السكان:

​صندوق تنمية الصحراء: إحداث صندوق يُدار بشكل مشترك بين الدولة والجهة والمجتمع المدني، مع إخضاع حساباته لتدقيق سنوي من هيئة مستقلة.

​شفافية الموارد: إلزامية نشر عقود الاستغلال المرتبطة بالإقليم، وإشراك ممثلي الجهة في كل قرار يخص الموارد الطبيعية المحلية.

​الحماية الحقوقية: اعتماد ميثاق لحقوق السكان، يتضمن حق العودة لسكان المخيمات الراغبين في ذلك، وضمان المساواة. إضافة إلى حضور دائم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان (CNDH) وإحداث وسيط جهوي مستقل.

​خلاصة

​يُمثل مشروع 2025 التزاماً مغربياً بتقديم إطار حكم ذاتي واسع، مُفصَّل ومُعزَّز بضمانات دستورية واقتصادية وحقوقية، في إطار السيادة المغربية. وهو تأكيد على مسعى المملكة للتوصل إلى حل سياسي نهائي وواقعي يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون الإقليمي عبر تطوير قطب اقتصادي أطلسي يربط المنطقة بدول الساحل وغرب إفريقيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
Soyez le premier à lire nos articles en activant les notifications ! Activer Non Merci