أخبارسياسة

حزب التقدم والاشتراكية… أزمة هوية ومعنى

بقلم: محمد خوخشاني

بقلم: محمد خوخشاني

الحزب اليساري العريق يعيش مرحلة صعبة، عنوانها الأبرز: غياب الوضوح، وتراجع الجاذبية، وانحسار الحضور في المشهد السياسي الوطني.

> «لو جمعنا كل الذين غادروا الحزب، لَكُنّا اليوم أول قوة سياسية من حيث العدد والجودة.»
— لطفي أقلعي

نزيف داخلي وصمت قاتل

تبدو كلمات لطفي أقلعي اليوم كأنها تشخيص مبكر لأزمة حزب التقدم والاشتراكية. فبعد أن كان رمزاً للنضال اليساري، والمدافع الأبرز عن العدالة الاجتماعية، أصبح الحزب يواجه تراجعاً تنظيمياً وفكرياً غير مسبوق. مناضلون يغادرون بصمت، وكفاءات تختار الانسحاب، ووجوه جديدة لا تجد مكاناً لها داخل البنية التنظيمية التقليدية.

غياب البوصلة الإيديولوجية

منذ تحوّله من الحزب الشيوعي إلى حزب يساري معتدل، حاول الحزب الموازنة بين الانخراط المؤسساتي والالتزام الاجتماعي.
لكن هذه الموازنة الدقيقة تحوّلت إلى ضبابية سياسية جعلت الحزب في موقع غير واضح: لا هو معارض جذري، ولا هو مشارك مؤثر. خطابه فقد زخمه، وصوته لم يعد مسموعاً في زمن السرعة الإعلامية والتنافس الحاد على الفضاء العمومي.

ضعف التجديد والانفتاح.

رغم الخطابات المتكررة حول تجديد النخب، إلا أن الممارسة تكشف عن جمود هيكلي داخل الأجهزة التنظيمية.
جيل الشباب والنساء، الذي كان من المفترض أن يكون طاقة متجددة، يشعر اليوم بالتهميش أو الإقصاء غير المعلن. وبذلك، خسر الحزب واحدة من أهم نقاط قوته التاريخية: الارتباط بالشارع وقضاياه.

وفاء مفرط أم غياب للموقف؟

عرف الحزب بولائه الثابت للمؤسسات الوطنية، وهو موقف منسجم مع ثقافته السياسية.

غير أن هذا الوفاء، في السياق الحالي، أصبح يُقرأ على أنه تنازل عن دوره النقدي، مما أفقده وهجه المعارض وقدرته على التأثير في النقاش العمومي.

ففي زمن تتسابق فيه الأحزاب على الحضور والمبادرة، يبدو حزب التقدم والاشتراكية متفرجاً على المشهد أكثر مما هو فاعل فيه.

إما التجديد أو التلاشي.

اللحظة التاريخية التي يمر منها الحزب تستدعي شجاعة فكرية وتنظيمية. إما أن يعيد صياغة مشروعه السياسي والاجتماعي بما يتناسب مع متغيرات المجتمع المغربي، وإما أن يستسلم لواقع التراجع التدريجي الذي قد يحوّله إلى مجرد ذاكرة يسارية جميلة في تاريخ السياسة المغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Soyez le premier à lire nos articles en activant les notifications ! Activer Non Merci