القراءة في تراجع مستمر.. أزمة وعي أم تحوّل في أولويات المجتمع؟-فيديو

في ظل التحولات الاجتماعية والتكنولوجية التي يشهدها المجتمع المغربي، أصبحت ظاهرة العزوف عن القراءة موضوعًا ملحًا يثير القلق بين مختلف الفاعلين في الحقل الثقافي والتربوي.

وبين من يرى في التكنولوجيا سببًا رئيسيًا، ومن يعتبر الأزمة ناتجة عن تحولات عميقة في نمط الحياة، تظل القراءة صامدة في وجه التحديات، وإن بخطى متعثرة.

في تصريح خاص لجريدة الكوليماتور، قال السيد أكيوض حسن، مدير مركز الترجمة والتوثيق والنشر والتواصل بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية: “الإقبال على القراءة لم يعد كما كان، وهذا مشكل نعاني منه جميعًا، هناك عوامل اجتماعية، وأخرى مرتبطة بالتكنولوجيا، وربما العامل الرقمي تحديدًا، ساهم في هذا التراجع”.

واكد السيد حسن ، أن هناك إقبالًا ملحوظًا على القراءة في أروقة المعرض الدولي للكتاب، خصوصًا على الكتاب الورقي الذي “لا يزال له عشاقه”، رغم التراجع الكبير في الإقبال عليه خلال السنوات الأخيرة.

وبخصوص الأسباب الحقيقية وراء هذا التراجع، يوضح السيد أكيوض أن المسألة لا ترتبط بثمن الكتاب بقدر ما ترتبط بالعادات اليومية، والثقافة العامة، والميولات الفردية التي تغيرت بفعل نمط الحياة المعاصرة، حيث لم يعد لدى الإنسان الوقت الكافي أو العشق نفسه للقراءة كما في السابق.

 

 

وعن مشاركة المعهد الملكي في المعرض، أشار المتحدث إلى أن الرواق يعرض مجموعة من الكتب المتنوعة في مجالات متعددة تهم اللغة، التاريخ، الجغرافيا، الأدب، البيئة، المعلوماتية، والترجمة، مضيفًا أن جميع الفئات العمرية والجنسية تزور الرواق للاستشارة والاطلاع على إصدارات المعهد، بأسعار رمزية تتراوح بين 10 دراهم و150 درهم، مع التأكيد على أن الكتب ذات الطابع الفني أو التخصصي قد تكون مرتفعة السعر نسبيًا نظرًا لتكلفة إنتاجها العالية.

ودعا السيد أكيوض الشباب إلى الإقبال على القراءة، مؤكدًا أنها “تغني النفس والروح والحياة، وتحقق مزايا كبيرة جدًا”، محذرًا في الوقت نفسه من ضياع الوقت في شبكات التواصل الاجتماعي، التي تقدم فائدة محدودة بالمقارنة مع الكتاب.

من جهتها، قالت مريم تزكين، طالبة باحثة بسلك الماستر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس، إن التكنولوجيا الحديثة وسرعة الإنترنت شكلت تهديدًا حقيقيًا للكتاب، ما دفع العديد من الطلبة إلى هجره.

واكدت الشابة الجامعية مريم أن “الكتاب يظل شيئًا جميلًا، ولا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعوضه، لأنه المصدر الحقيقي للطالب والباحث”.

وبخصوص أثمنة الكتب، أوضحت مريم أن الأسعار تتراوح بين 10 دراهم و120 درهم كحد أقصى في رواق جامعة محمد الخامس كلية الاداب والعلوم الانسانية بالرباط ، مع تخفيضات تصل إلى 50 في المئة.

ورفضت اعتبار الثمن سببًا حقيقيًا للعزوف عن القراءة، مشددة على أن “الكتاب لا يُشترى بثمن، بل هو عقل الكاتب ومجهوده الفكري”، معتبرة أن ما يدفع للقارئ ليس سوى مساهمة رمزية في الطباعة.

ووجهت مريم نداءً حارًا إلى الشباب قائلة: “إذا تخلينا عن القراءة، فإننا نتخلى عن الهوية، عن الثقافة، وعن عقولنا الشابة”، مؤكدة أن القراءة هي السبيل الأصيل للنهوض بالمجتمع وتحقيق التقدم.

Please follow and like us:
Pin Share