ألقى السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، كلمة بمناسبة انعقاد الاجتماع الوزاري المشترك السابع لمجلس التعاون الخليجي والمملكة المغربية، يومه الخميس بمكة المكرمة، كلمة هامة ثمن من خلالها «الأشواط المهمة التي قطعتها الشراكة المثمرة بين المملكة المغربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية بأبعادها الاستراتيجية والسياسية والتنموية والاقتصادية والإنسانية والثقافية»، مبرزا «أن المملكة المغربية، وهي تستعد لاحتضان تظاهرات رياضية ذات صيت قاري وعالمي مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، تزخر بفرص استثمارية واعدة وتوفر مجالا للشراكات الخليجية لتنخرط في الأوراش العديدة التي ستُفتح استعدادا لهاتين التظاهرتين».
«أود في البداية أن أعرب عن عميق سعادتي بتجديد اللقاء بإخواني أصحاب السمو والمعالي والسعادة، وزراء خارجية دول الخليج العربية الشقيقة لما يجمعنا من أواصر المودة والإخاء والتعاون
أتقدم اليكم بجزيل الشكر على عقد هذا الاجتماع الوزاري المشترك الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية الشقيقة وأتوجه بشكر خاص لصاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان ال سعود على اختياره هذه البقعة الطاهرة وهذا الشهر الفضيل لتحتضن اجتماعنا الذي سيكون طيبا ومباركا ومثمرا بإذن الله تعالى
والشكر موصول لأخي معالي جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومساعديه وطاقم الأمانة العامة للمجلس على جهودهم القيمة والدؤوبة في توفير كل سبل النجاح لاجتماعنا اليوم
إن ما يميز الشراكة الاستراتيجية التي تجمعنا هو استنادها على أساس صلب من التآزر والتضامن وهو ما عبر عنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، حين قال في خطابه أمام القمة المغربية – الخليجية سنة 2016 ” إن المغرب يعتبر دائما أمن واستقرار دول الخليج العربي، من أمن المغرب. ما يضركم يضرنا وما يمسنا يمسكم.”
أصحاب السمو والمعالي والسعادة
إننا نسجل بعميق الارتياح الأشواط المهمة التي قطعتها الشراكة المثمرة بين المملكة المغربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية بأبعادها الاستراتيجية والسياسية والتنموية والاقتصادية والإنسانية والثقافية تنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وإخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، حفظهم الله
إن هذا التقييم الإيجابي لمسار شراكتنا الاستراتيجية هو ما دفعنا لتجديد خطة العمل المشتركة لفترة أخرى لغاية 2030، غير أن هذا التقييم هو في نفس الوقت حافز للبحث عن سبل إبداعية لتطوير هذه الشراكة والارتقاء بها الى مستويات اعلى وموائمة اولوياتها وطرق اشتغالها مع التحولات المتسارعة التي يعرفها العالم، من تطور تكنولوجي وتغيرات مناخية وتحولات ديموغرافية داخل مجتمعاتنا، فضلا عن التحديات ذات الطابع الاستراتيجي والأمني.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة
إن شراكتنا الاستراتيجية، فضلا عن الوشائج الأخوية والتاريخية القائمة بين قياداتنا وبلداننا، يجب ان تكون كذلك قائمة على تبادل المنافع الاقتصادية حتى تكون أكثر رسوخا وتجذرا وهو ما يدعونا الى تشجيع رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين لنسج علاقات قوية فيما بينهم، من خلال إنشاء إطار مؤسساتي واستكشاف فرص استثمارية مربحة تعزز التنمية وخلق فرص شغل في بلداننا. ونرحب في هذا الإطار بعقد المنتدى المغربي الخليجي للاستثمار قريبا
فالمملكة المغربية، وهي تستعد لاحتضان تظاهرات رياضية ذات صيت قاري وعالمي مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، تزخر بفرص استثمارية واعدة وتوفر مجالا للشراكات الخليجية لتنخرط في الأوراش العديدة التي ستُفتح استعدادا لهاتين التظاهرتين
كما أن المملكة المغربية تشكل بوابة دول الخليج نحو القارة الإفريقية، والمبادرات التي أطلقها جلالة الملك، سواء تلك المتعلقة بأنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب نحو أوروبا أو مسلسل إفريقيا الأطلسية أو مسلسل ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، كلها تشكل فرصة لتعزيز تعاوننا مع الدول الإفريقية
أصحاب السمو والمعالي والسعادة
إن المنافع التي نريد تحقيقها جميعا، من خلال شراكتنا الاستراتيجية تدعونا أن نفكر في تعزيز إطارها المؤسساتي وتطويره بما يخدم مصالح الجميع. وتحقيقا لهذه الغاية اسمحوا لي أن أشارك إخواني أصحاب السمو والمعالي بعض الأفكار التي يمكن أن نعمق النقاش فيها لاحقا، عبر القنوات الدبلوماسية بغية تجويدها وإنضاجها، ومنها مثلا:
- أولا، اعتماد القمة المغربية الخليجية كآلية مرجعية للشراكة والتوجيه
- ثانيا، اعتماد سفير صاحب الجلالة بالرياض، بصفته سفيرا منسقا للشراكة بين المغرب ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وسفيرا لدى الأمانة العامة لدول مجلس التعاون
- ثالثا، إنشاء مجلس مشترك لرجال الأعمال بين المغرب والدول الخليجية
- رابعا، ترشيد فرق العمل المشتركة البالغ حاليا عددها 15 فريقا، من خلال وضع أقطاب ثلاث أو أربعة فقط
- خامسا، إشراك فاعلين اقتصاديين وثقافيين في تغذية مضمون هذه الشراكة بأفكار ومبادرات
أصحاب السمو والمعالي والسعادة
إن اجتماعنا اليوم ينعقد والمنطقة العربية تمر بمرحلة دقيقة وفارقة في تاريخها، فالمتغيرات متسارعة ومصيرية، فبقدر ما نحتاج الى وحدة الصف واجتماع الكلمة، نحن كذلك في حاجة الى الحكمة والبصيرة وعدم الانجرار وراء شعارات جوفاء ومزايدات فارغة لا تؤدي الا الى الفرقة، فبخصوص القضية الفلسطينية، فإن ما يُثار من أفكار ومشاريع، في علاقة مع تبعات الحرب المدمرة على قطاع غزة، لا يجب أن تبعدنا عن السلام، ليس باعتباره قيمة أخلاقية فقط ولكن كأفق قابل للتحقق وخيار وحيد في مصلحة جميع شعوب المنطقة، وتأسيسا على هذه الرؤية، يحرص جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، على أن تتكاثف جهودنا للحفاظ على حل الدولتين كأساس لتسوية سلمية تمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استنادا الى المرجعيات الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
أما التطورات التي تعرفها ساحات الأخرى مثل سوريا ولبنان واليمن والسودان وليبيا فهي تحمل مخاطر وآمال في الآن ذاته، فيجدر بنا تعزيز الاولى والتصدي للثانية، مستحضرين ضرورة الحفاظ على الوحدة الترابية للدول ودعم سيادتها على كامل ترابها، في إطار وحدة وطنية جامعة ورافضة للتدخلات الخارجية
وفي الختام أود مجددا التأكيد على العزم القوي والإرادة الراسخة للمملكة المغربية في مواصلة تعزيز مسار هذه الشراكة الاستراتيجية المثمرة وتطلعها الى مضاعفة الجهود، بمعية شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي العربية، قصد إعطائها الزخم المنشود والإضافة النوعية التي نتطلع اليها جميعا. ولي يقين أن ما نتحلى به من إرادة جماعية صادقة وعزم أكيد وتوجيهات من قياداتنا، حفظهم الله، سنتمكن بعون الله وتوفيقه من كسب الرهان ورفع التحديات للرقي بشراكتنا الى مستوى تطلعات شعوبنا في التقدم والازدهار
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته»