لماذا المغرب؟: «على أي وتر تعزف ريما حسن؟»

بقلم: زكية لعروسي

على حسابها على إنستغرام، وثّقت ريما حسن، نائبة فرنسية من أصول فلسطينية في البرلمان الأوروبي، عن حزب “فرنسا الأبية” اليساري، زيارتها للمغرب، مما أثار موجة من التساؤلات والدهشة. لماذا تختار ريما المغرب، وهي التي لم تُفوّت فرصة لانتقاده علناً؟ أليس غريباً أن تخطو قدمها على أرض بلد وصفته سابقاً بالخيانة؟

في تصريحاتها العلنية، لطالما طالبت ريما حسن بمواقف معادية للعلاقات المغربية-الإسرائيلية، متهمة المملكة بأنها اختارت التطبيع على حساب المبادئ. ومع ذلك، ها هي اليوم تزور المغرب، وكأنها تناقض كل ما دعت إليه من قبل “العْرْبِيَة شِينَا وقديدها يفوح”. فهل كانت تصريحاتها مجرد شعارات؟ أم أن الزيارة تحمل رسالة خفية؟ أسئلة تُطرح، لكن الإجابة تظل رهينة بحقائق غائبة.

في عالم السياسة، قد تكون المصالح سببا في التناقضات، لكن حين تأتي هذه التناقضات ممن يفترض أنهم يُمثلون المبادئ، تتحول القضية إلى لغز مُحيّر. كيف تُهاجم ريما حسن المغرب جهارا نهارا، ثم تُدير وجهها إليه وكأنه أصبح فجأة وجهتها المفضلة؟

كنت أظن ان ريما حسن بعد تصريحاتها النارية. ستزور “مكة الثوار”، تلك التي طالما تغنت بها منبرا للحرية وصوتا للمبادئ، فإذا بها تزور البلد الذي وصفته بالمطبِّع. يا له من انقلاب على الذات، فهذا ليس مجرد تناقض عابر، بل مشهد يثير أسئلة عميقة، ويتركنا أمام لغز لا يفك رموزه سوى صدى الحقيقة الغائبة.

تصرفات ريما حسن تثير أسئلة أكثر مما تقدم إجابات. فمن يختار أن يصف دولة بـ”الخيانة” ثم يزورها، يبدو كمن لا يتقن إلا العزف على أوتار الضجيج. هل كان الهدف من تصريحاتها السابقة البحث عن الأضواء؟ أم أنها، كبعض الأصوات السياسية، لا تمانع التلون حسب المواقف؟

المغرب، من جانبه، يستمر في اتخاذ قراراته استنادا إلى مصالحه وسيادته الوطنية، واضعا نصب عينيه أولويات شعبه ورؤيته الاستراتيجية. فلا هو يرفع شعارات جوفاء، ولا يفعل اليوم ما يُناقض مواقفه بالأمس. ويبقى السؤال قائماً: هل نرى في زيارة ريما حسن للمغرب مجرد زيارة شخصية عادية، أم أنها تحمل بين طياتها رسائل أكبر مما يظهر؟