إلا محاكمة عزيز غالي!

بقلم: عبد الدين حمروش

ما صدر عن الناشط عزيز غالي ليس بجديد على الإطلاق. هناك فصيل سياسي مغربي، إضافة إلى “الجمعية” الحقوقية، يقولان بذلك منذ زمان. “الجديد”، اليوم، هو رد الفعل الإعلامي (وفي سياقه السياسي)، الذي قوبلت به تصريحاته الأخيرة، حول تقرير المصير في قضية الصحراء المغربية. حقيقة، هل كان واحد يتوقع أن يقول غالي غير ما قاله؟

شخصيا، كنت أرجو أن يكون جواب غالي ديبلوماسيا، بالإحالة إلى المسار الأممي، دون الالتزام بتغيير موقفه السياسي. النباهة السياسية تقتضي هذه “التخريجة”، اللهم إلا إن كان “الرجل” يتعمد الإثارة، في سياق وطني يمج كل خروج عن الإجماع الشعبي، في قضية ذات تأثير وجودي على حاضر المغرب ومستقبله. غالي ليس الوحيد الذي قال بتقرير المصير، مادام المرحوم الحسن الثاني قد بادر إليه سلفا، في أثناء حضوره إحدى القمم الإفريقية بنيروبي. اليوم، هل يمكن إجراء الاستفتاء من الناحية التقنية، في ظل المعيقات القديمة، والمتغيرات الحديثة؟

بالنسبة إلي، يبدو تقرير المصير، ممثلا في الحكم الذاتي، الحل الواقعي والأمثل. هذا ما باتت تسير في اتجاه الاقتناع به كثير من الدول والمنظمات. ومن هنا، كانت خرجة غالي بمثابة صدمة للرأي الوطني، وبخاصة بعيد القرار الفرنسي الإيجابي الأخير. أعتقد أن غالي لا يعنيه الموضوع، لا من الناحية التاريخية، ولا من الناحية الجيوبوليتيكية. ولذلك، من حق الجزائر، وهي تتحدث عن موقف أكبر جمعية حقوقية مغربية، أن “تطبل” لما صدر عن صاحبنا الحقوقي. ويمكن الإحالة إلى ما قاله زعيم حركة البناء الوطني، الجزائري عبد القادر بنقرينة، في حوار له مع إحدى القنوات في بلاده، بأن استقلال الصحراء الغربية بدولتها سيغلق كل المنافذ على المغرب. هذا ما يريده الجار: خنق المغرب!!!

في كلمة أخيرة، ما ضر غالي وأضرابه المغاربة في ما ظلوا يصرحون به حول قضية الصحراء. الأقلية القليلة، حتى ولو كان لها رأي مخالف للوجدان الوطني، لا يمكن لموقفها إلا أن يكون “خادما” للقضية. لا ينبغي أن نرتعب من الاختلاف، حتى ولو تعلق الأمر بقضية وطنية كبرى، لا أعتبرها إلا وجودية بالنسبة إلى المغاربة. بكلمة واحدة، لا وجود للمغرب بدون صحرائه، حتى ولو اندلعت حرب عالمية ثالثة في المنطقة. أما في ما تعلق ببعض الأصوات الداعية إلى محاكمة غالي، فأجد أن لا معنى لها إطلاقا، حتى ولو أحسوا بالأذى مما صرح به. الرجل عبر عن موقف سياسي، وينبغي ألا نخاف مما تفوه به. الاعتقال السياسي، على الرأي والموقف، لا ضرورة له، لا اليوم ولا غدا.