الأمل الجديد في سوريا الجديدة

بقلم: عبد الدين حمروش

أتابع ما يكتب عن سوريا، بعد إسقاط نظام الأسد. التحليلات السياسية تختلف كثيرا، حتى بين المناضلين والمثقفين من داخل الخلفية السياسية- الإيديولوجية ذاتها. هناك من بات يتأسف لسقوط نظام، كان سندا لمحور الممانعة ضد الكيان الغاصب. وبالمقابل، صار هناك من أضحى يبتهح لرحيل نظام “قاس”، قادته عائلة واحدة منذ أربعة وخمسين عاما.

لو كان الأمر الحاصل يتعلق بدولة أخرى (غير سوريا)، لما كان قد صح كل هذا التضارب في التحليلات والمواقف. لماذا؟ الجواب في أن لسوريا حدودا مع دولة الكيان، وبالتالي “دخلا” في ما يجري من “ممانعة” بالمنطقة، ضد الطموحات الخبيثة للاحتلال، وظهيرته الولايات المتحدة الأمريكية. وبالنسبة إلى من تأثروا لسقوط نظام الأسد، فهم غالبا ما يرجعون ذلك إلى فرضية تأثر محور المقاومة، وبالتحديد في ظل هذا السياق الشرق ـ أوسطي الصعب، حيث «الصهاينة» ينكلون بالفلسطينيين وباللبنانيين، على حد سواء.

ومع ذلك، ففي النهاية من حق السوريين أن يخرجوا مبتهجين، لسقوط نظام عائلي ديكتاتوري. ليس من شأن أي طرف، حتى ولو كان متعاطفا مع نظام الأسد، أن يدعي أنه كان ديمقراطيا، أو حتى شبيها بالديمقراطي، في أي لحظة من اللحظات. فمابالنا، اليوم، حيث يوجد أكثر من 12 مليون سوري لاجىء ومهجر؟ إن اعتبارات مواجهة «الصهاينة»، لعقود خلت، جعلت”العيون”، كما قال الشاعر، “كليلة عن كل عيب”. غير أن الواقع يقول، اليوم، إن مواجهة «الصهاينة» تقتضي وجود نظام ديمقراطي قوي. مهما كانت الزعامات ملتزمة وملهمة، فإنه لا بديل عن دولة المؤسسات، حيث الشعب يحكم نفسه بنفسه.

لقد رحل الأسد، وترك سوريا لمصيرها. وإلى أن تستقر الأوضاع، ستدخل البلاد في مسار، نريده أن يكون سريعا إلى دولة: المؤسسات، والمواطنة، والديمقراطية. نعرف أن هذا المسار محفوف بالصعوبات، في ظل وجود عدو صهيوني متربص، ينتظر مثل هذه الظروف، للإيقاع بالأفرقاء السياسيين، وبالتالي دفعهم إلى التطاحن. حتى الآن، بدت سلوكات المقاومة وخطاباتها هادئة وحكيمة. لا انتقام، ولا دعوة إلى العنف ضد هذه الطائفة أو تلك.الأيام حبلى بالمفاجآت السارة، في ظل وجود شعب سوري ذكي. وما ذلك على السوريين بعزيز. العدو الحقيقي يظل هو «الصهيوني». وبالوحدة والتكتل، يمكن تفويت مخططات الشرق الأوسط الجديد، المراد هندسته على مقاسات النتن ياهو.

هل يعيد لنا السوريون الأمل، بعد أن كدنا نفقده في ليبيا، واليمن، …؟