باريس: زكية لعروسي
أمرٌ غريب وعجيب أن تجد نفسك، في كلّ مرة، خصوصًا في ندوات ثقافية، تُجالس جيرانًا يتفنّنون في زرع الفوضى، كأنهم يبحثون عن “جوا لمنجل وطربوش لعجل وسروال الجمل” في كومة ضباب! يأتون متفلسفين حول أمورهم الداخلية المتناثرة، ثم يحاولون إسقاطها علينا، ويقولون لنا بلسان حالهم: “خصكم تغرقوا كما نغرق نحن!” وكأنَّ مصيبتهم في الطائفية والفوضى يجب أن تغدو مصيبتنا أيضًا.
فما بالهم، كلّما أُثير موضوع حول بلدنا، حتى طفقوا يقحمون أنفسهم في شأننا الوطني، مسيئين الفهم والمقصد؟ يقولون لنا إنّ بلدنا الطيب مبتلى بالطائفية لأنه يحتضن الريفي والشريف والأمازيغي والعربي، ويستكثرون علينا وحدتنا كأنها من المستحيل! ومن غرائب الأمور أنْ يظهروا حماسًا وتضامنًا مزيّفًا مع “الريافة” كأنهم يملكون سيادتنا في أيديهم. ونقول لهم بوضوح: “واش عرف الحلوف من سكين اجبير؟” المغرب “فران وقاد بحومتو”، والمساس بوحدته خطٌ أحمر.
وحين أسمع مثل هذه الحماقات، أكاد أخرج من جلدي، لكني أعود لأردهم إلى صوابهم قائلًا: المغرب ليس ما تتوهمون! وكما يقول مثلنا: “اللي سكت على اللي ضرّو، الشيطان غرّو”، ونحن لا نسكت عمّن يمسّ لحمتنا.
المغرب، يا سادة، واحدٌ موحد، يعانق جباله، وسهوله، وشواطئه، وصحراءه في لحمةٍ متينة. والأمازيغية ليست عائقًا، بل دعامة ل”تمغربيت” التي نفتخر بها جميعًا، أمازيغيًا كان أم عربيًا. من زاكورة إلى الحسيمة، ومن زاك إلى وادي الذهب، “كولنا مغاربة وما عندنا ما نقولو”!
حاولت أن أوضح لهم هذا، قائلة: في المغرب، لن تسأل ريفيًا أو أمازيغيًا أو عربيًا إلا ويقول لك “أنا مغربي”، لا غير، بينما عندكم، يا من تدعون الوحدة، لو سألتهم لقالوا لك: “أنا قبائلي، ولست جزائريًا.” كأنّهم هؤلاء الناس ” يكذبو الكذبة ويصدقوها” وهم يسعون إلى إسقاط أزماتهم في قلب واقعنا الوحدوي.
نحمد الله على العقل المغربي الذي يشمخ بأصله وفخره بتمغرابيت، ونحمد الله على الوحدة خلف راية ملكنا نصره الله، وعلى حُبّنا لصحرائنا التي لن تكون إلّا مغربية. نحن المغاربة، هويتنا واحدة، لا تهزها طائفية ولا تفرقة، وكما يقول المثل: “المغرب واحد وقلب واحد.”