بقلم: زكية لعروسي
في عمق تلك البقعة التي تتجاوز حدود الجغرافيا، تكمن فلسفة مغربية خالصة تمزج بين الإيمان القوي والانتماء الصادق. الصحراء بالنسبة للمغربي ليست مجرد أرضٍ متنازعٍ عليها، بل هي روح تسري في عروقه، حياة يُعاش فيها الإصرار على استرجاع كل حبة رملٍ تعني تاريخاً وأملاً. بفضل حكمة القيادة وصلابة الشعب داخل الوطن وخارجه، أصبح للمغرب نهجٌ راسخ في الدفاع عن قضيته، وفي تحويل هذه الأرض إلى رمز للوحدة، وإرثٍ يستمد قوته من قِيم التحمل والصبر والتأمل التي تربط الإنسان بالأرض والطبيعة.
أضحت الصحراء، بتقلباتها وثباتها، رمزًا لا يحيد عن المسار، عاكساً صورة البحر الصامت المليء بالأسرار؛ بحر الرمال الذي تحتدم في جوفه العواصف وتتجلى فيه القوة الهادئة. في هذه الأرض، تزهر شجرة الرمث، شامخة في صمودها، دون تربة خصبة أو ماء، كنموذج يعكس صلابة أهل الصحراء، وهم يُصارعون الحاقدين بعزم وإيمانٍ لا يتزعزع.
ومن هذه القيم العميقة، تستمد مملكتنا المغربية حجتها أمام الرأي العام العربي والدولي، ليُدرك أن هذه القضية ليست مجرد نزاع، بل فلسفة حياة، ونضالُ أمة، واستمرار لرسالة أعمق اكدتها المسيرة الخضراء التي تجلت فيها صفات الصبر والتجلي لتكون شاهداً على حب أبديٍّ لهذه الأرض. فقد رحم الله عبدا عرف قدر نفسه و (ادخل سوق راسو)، فإن حق شكرنا لنعمة وطننا إذا داهمنا أمر عظيم، فزعنا إلى المنابر، ودخلنا الصف، وما نذوقوا شحماً ولا حلواً ولا حامضاً؛ إلا الخبز وخشن الملح، إلى أن يتم لنا ما نريده.