عين د. أحمد موسى على إيران… تنصيب رئيس الجمهورية بطعم المقاومة والدم

بقلم: د. أحمد موسى*

 

 

بعد أقل من يوم واحد على ظهور صور إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي، وهو في حضن مسعود بزشكيان، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، انتشر خبر اغتياله في قلب طهران، في عملية يبدو أنها انتقامية من قادة الصف الأول في حماس على خلفية عملية السابع من أكتوبر التي ضربت هيبة إسرائيل وهزت أركانها.

 

 

يأتي اغتيال إسماعيل هنية في ظروف استثنائية تعيشها إيران بسبب إقامة مراسم تنصيب مسعود بزشكيان وأدائه اليمين الدستورية بعد انتخابه خلفًا للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذي قضى في حادثة سقوط طائرته المروحية الغامض. وفي ظروف أمنية خاصة زادتها الظروف المناخية الحارة خصوصية.

عدد كبير من الجرائد في طهران صدَّرت أولى صفحاتها بصور هنية وبزشكيان وهما يتبادلان العناق والأحضان معلقة عليها بعناوين عريضة من قبيل: «قسم بطعم المقاومة»، «أداء اليمين بلون المقاومة»، «صرخة رئيس الجمهورية ضد الصهيونية»…

وقبل يوم واحد فقط غزت فضاء المواقع الاجتماعية صور أخرى لهنية وبزشكيان وهما يتبادلان العناق الحار والقبلات في صحن البرلمان بحضور عدد من أعضاء الحكومة تحت عناوين براقة من قبيل «جبهة المقاومة في الحضن الآمن لإيران».

لكن المفارقة الغريبة هي أن الجمهورية الإسلامية لم تستطع أن توفر هذا «الحضن الآمن» لقائد حماس وهو ضيف مقيم عليها من بين عشرات الضيوف وفي مناسبة ذات خصوصية، وما يثير الدهشة هو أن عملية الاغتيال كانت مسبوقة بعملية أخرى مشابهة طالت قائد بارز في حزب الله اللبناني.

وفضلًا عن القضاء على أحد أبرز قادة طهران بمحور المقاومة –كما تصفهم إيرانء، فإن الاختراق الأمني الإسرائيلي الذي انتهى بتنفيذ الهجوم في طهران أمام مرأى وأنظار عشرات الضيوف الأجانب يعتبر تطورًا غاية في الأهمية.

لا شك أن اغتيال قاسم سليماني وباقي القادة الإيرانيين البارزين في الحرس الثوري كان مؤلمًا لإيران، لكن على الأقل هذه الاغتيالات لم تنفذ في الداخل الإيراني، ولطالما تم تبريرها بوجود عملاء أجانب أو يتبعون للبلدان التي تم في الاغتيال متعاونين مع العدو.

يأتي هذا الاغتيال بعد وقت قصير من اغتيال فؤاد شكر، أحد أبرز قادة حزب الله والعقل المدبر لكل عملياتها وحروبها، في الضاحية الجنوبية.

لم تصدر لغاية اللحظة تفاصيل وجزئيات العملية، كما أن بيانات الحرس الثوري اقتصرت على تأكيد خبر اغتيال هنية وأحد حراسه صباح يوم الأربعاء في محل إقامته بطهران.

ورغم أن الحرس الثوري حدد مقر الاستهداف لكن تظل طريقة الاستهداف وكيفيته مجهولة ومسكوت عنها لتغطية الفشل الذريع والاختراق المخزي للأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإيرانية.

كما أنه لم يصدر أي بيان أو دليل من طهران يوثق لسماع الانفجار أو ما شاكل، وما نشر في وسائل التواصل الاجتماعي من سماع دوي انفجارات في شمال غرب طهران ليس كافيًا للاستناد عليه.

وقد لوحظ تصاعد في وتيرة ردود الأفعال لرواد التواصل الاجتماعي بإيران، وتمحورت هذه الردود حول توجيه اللوم للأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإيرانية التي تصرف الدولة عليها من مقدرات الشعب وتعجز عن حماية أمن البلاد والحفاظ على سيادتها من انتهاك العدو. وكان لهذه التعليقات توجه آخر مع اغتيال إسماعيل هنية في مكان محصن في قلب طهران؛ فإن كانت إسرائيل فعلا هي التي نفذت العملية فكيف لهذه الدولة أن تكون لها اليد الطولى والعليا والحرية التامة في تحديد مكان عملياتها وزمانه دون حسيب أو رقيب أو رادع؟

*أستاذ اللغة الفارسية والأدب المقارن، مترجم ومختص بالشؤون الإيرانية