مصطفى العراقي*
في كل مرة تجد المؤسسة الملكية نفسها امام ملفات تم انتاجها عبر مقاربات خاطئة ..ملفات في حقيقتها تنتمي لحرية الرأي والتعبير او الاحتجاج على اوضاع مجالية لا انسانية.. ويصبح اطلاق السراح محط تجاذبات واستغلال ومقدمة لمظاهرات ومضمون تقارير داخل المغرب وخارجه …
وفي كل مرة ننتظر القرار الملكي المتمثل في العفو ليتم طي هذه الملفات كليا او جزئيا وما ان نحتفي بالالتفاتة الملكية حتى يوضع حصى جديد في حذاء المغرب الحقوقي . تعود ملفات الى ضمن جدول الاعمال بمقاربات اعتقد انها لا تقرأ مغزى العفو ولا تستند الى ذلك المنجز الرائع الذي انتجه المغرب والمتمثل في عمل هيئة الانصاف والمصالحة ونتائجها وتوصياتها …وتلك الجملة المرجعية التي قالها جلالة الملك وهو يستقبل اعضاء الهيئة وتقاريرها قبل حوالي عشرين سنة ” يتعين علينا جميعا، علاوة على حفظ هذه الحقبة (ما بعد استقلال المغرب ) في ذاكرة الأمة، باعتبارها جزءا من تاريخها، استخلاص الدروس اللازمة منها. وذلك بما يوفر الضمانات الكفيلة بتحصين بلادنا من تكرار ما جرى، واستدراك ما فات. بيد أن الأهم، هو التوجه المستقبلي البناء. ذلكم التوجه الإيجابي الذي يقوم على تعبئة كل طاقاتنا للارتقاء بشعبنا، والانكباب على قضاياه الملحة. فما أكثر ما ينتظرنا إنجازه…”.
ودون شك فإن العديد من الملفات تقف في وجه قطار تنمية المغرب وتبذر وقتا الاجدر ان يتم استثماره لمواجهة التحديات الوطنية والاقليمية لنبني بلدا في مستوى طموح شعبه وملكه..
شخصيا لم اجد سوى التعاطف مع زملاء لي في محنتهم وانا اتلقى خبر اعتقالهم، وانا أقرأ بعين الاستغراب محاضر الضابطة القضائية التي تؤكد انها توفرت على ادلة واثباتات ،وانا اطلع على الاحكام الصادرة والقاضي كما تعلمون لا يحكم بعلمه الشخصي… وفي كل محطة من مسارات هذه الملفات كنت اتمنى ان تستند المقاربة على الحكمة والانصاف وعلى المنجز بل المنحزات التي انبثقت في العهد الجديد..
وإذ اهنئ المفرج عنهم وهم يعانقون الحرية ويغادروا قساوة السجون اتمنى ان يتم العفو على معتقلي الاحتجاجات في الريف وجرادة وهم في حقيقة الامر ضحايا سياسات عمومية لم تضع المجال صلب اهتماماتها ولم تتجه لتحسين اوضاع الساكنة بل تقاعست حتى في انجاز مشاريع ملكية مهيكلة … اتمنى ذلك حتى نبني بالفعل مغرب الديمقراطية وحقوق الانسان مغرب دولة الحق والقانون.. مغرب الانصاف المجالي والتنمية الشاملة..
*كاتب و صحفي