
بقلم: زكية لعروسي
في زمن بلا أعماق: أكتب كي لا أذوب
هذا زمن يحبّ الأشياء السريعة
العناوين دون كتب
الوجوهَ دون أعين
والكلمات دون روح
زمن يشبه سطح بحر
مدهش… لكن بلا حياة تحته
يبيعون المعنى في علب براقة
ويسعّرون العمق
كما لو كان ترفا غير ضروري في هذا الزمن صار التأمل تأخيرا
والسؤال تشكيكا
والبطء عيبا في سيرة الفكر
أنا أرفض أن أكون صورة تقلّب
أو جملة تستهلك
أكتب الحرف كما يشعل الفقير آخر شمعة له
لا ليستضيء
بل ليتذكّر أنه ما زال حيّا
الحرف، عندي، ليس زينة
بل سلاح من نار ناعمة
هو رفض أن أمضي كما يمضي الجميع
في طوفان التفاهة
كلّ جملة حقيقية هي حفرة في جدار الكذب
كلّ استعارة صادقة
هي أصبع يشير إلى الغياب الذي نتواطأ عليه
أنا أُقاوم بهذا القلم
كمن يحارب الانهيار بكلمة
كمن يَجرح السطح ليصل
إلى دم الحقيقة
أيّ زمن هذا
الذي يعدّ الصمت خللا؟
ويصنّف التأمل كسلا؟
ويكره من لا يبهره شيء؟
في هذا الزمن
الحرف مقاومة
ضد التحلل العام
ضد الروح التي تباع في سوق التفاعل اللحظي
أنا لا أكتب كي أعجب
بل أكتب كي لا أتحوّل إلى ما يعجبهم
أكتب كي أبطئ
كي أزرع المعنى في أرض أصبحت قاحلة من فرط الركض.
كلّ سطر أكتبه
هو شاهد نفي على عهر العصر
هو إعلان بقاء
لا لجسدي
بل لما لا يشترى ولا يباع.




