أخبارفنون و ثقافة

بيت عنكبوت (شعر)

عبد الدين حمروش (شعر)

بأصابع،
يتعقّب غيمات نافرة. يجلو الشاشة.
وبجماع كفّ، يهوي على خيط،
كان منسدلا أمام عينيه.

ما ضر لو تلاشى خيط من نسيج عنكبوت،
أو تلاشى من حاشية قماش؟

يدٌ تصيخ إلى جبين.
وكالمفجوعة، أقعت تندب حظا.
سلالم من خيوط تنهال، وعناقيد تلوب
حول فوهة بئر، أُرخيت إلى قاع
ظفائرها.

الخيوط، تتهاوى نُدفا من الثلج.
خامدة، تلاحقها صرخات كظيمة،
في شكل شموع. أضواؤها قُدَّت
من قبس حائل.

لعل قنبلة انهالت
على التو. آه، لا أنظار عابرين محدقة،
ولا عدسات كاميرات مصوبة.
فقط، ناحية الركام: أرواح، ذكريات وأوجاع.

للأحلام أدخنة بيضاء تَصّاعدُ،
كما سحب من فوق قمم الجبال.
صباحا، تتهادى في الفضاء
مع أدخنة لأفران خبز.

للأحلام ذاتِها،
لتلك التي تنوء فيها العنكبوت ببيت،
والنملة بحَبَّة خردل، والصبيَّة بقِدْر ماء.

كأنها الفولاذ المقوى،
التي من نسج داوُد، التي
لم ينل منها زمهرير دجنبر.
الخيوطُ تتلاشى، تتبدد بالتفاف حزمة كفّ،
التفاف الرِّجل على كرة.

من يتسمع، الآن، صرخات
تجوب برِّيّة؟

العابر،
وبعد أن سوى نظارته، لم ير من جزيرة
الثلج إلا طلعتها الشائخة. ومن الغابة إلا شجرة
بِمَقْدَم الجبل. ومن البيت إلا أضلعا متعامدة. ومن الكتاب
إلا عنوانا، وقد تناثرت كلماتُه
أحرفا
نازفة.

كيف للنوتات الذبيحة، على خطوات مُحاذر
فوق حبل، أن تطيح بخيوط معقودة على خاصرة تلّة،
أو بالأحرى حديقة. إلى حين
كانت مُعلَّقة، كأنها واحدة
من حدائق بابل؟

هي الخيوط، الآن، تشهق،
وقد داست أعشاشَها، أرواحَها، أطرافُ أنامل.
مثلما داست أحذية برودكان
مساكن نمل واطئة.

وهي الأصابع،
أصابع ديناميت مزروعة
في كل زمان. أصابع اتهام منتصبة في كل اتّجاه:
في وجهك أنت، حيث الخيط آناً،
يلتفُّ حبلا حول رقبتك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Soyez le premier à lire nos articles en activant les notifications ! Activer Non Merci