المرأة و المجون في شعر الملحون (بقلم الدكتور جمال الدين بنحدو)

ورغم غياب قصائد التصوف والتدين نظرا لصغر سنه وإقباله على الحياة فقد تميز شعره أيضا بالموعظة وقصائد المناجاة، مناجاة… من له علاقة بالمحبوب ك”الطائر” و”الحجام” و”القرصان” ومن أشهر قصائده “الزين الفاسي” وقصيدة “الوردة” التي أثارت عبر تاريخ طويل العديد من السجال والشجار حول فك لغزها، وإني في مداخلة علمية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة الحسن الثاني عين الشق بمناسبة تكريم الأستاذ الدكتور عباس الجراري طرحت مقترحا لشرحها وهو أن الشاعر أراد أن يعبر عن ما يخالجه من تشاؤم نظرا لوعيه بخطورة مرضه وغدر الحياة وعن تفاؤله وإقباله عليها في نفس الوقت، خاصة وأن آخر قصائده كانت هي “الطبيب” التي حربتها:

الطبيب عرف دايا والعلاج سومو غالي=مالي يا مالي=عالجوني يا ناسي لا نموت موت الغفلة.

فعندما يقول في قصيدة “الورة” مثلا: لا دوى من غير التقبيل يا والمصال الشهدي، فهل التقبيل تعود للقبلة برفع القاف أو للقبلة بكسرها، وهل المصال الشهدي وهو العسل نعت للقبلة برفع القاف أو هو العسل الذي يقدم للمحتضر المشرف على الموت.

أما السلطان مولاي الحفيظ فله من القصائد 67 خصص منها 47 للمرأة والغرام ولكن بطريقة عذرية بليغة تروم العلاقة الشريفة الطاهرة والشرعية بين الجنسين من مثل: من كال حقه يغمض عينه\الهادية\جودي للمغروم\الورشان\…

ومثله في ذلك الشاعر الولي الصالح سيدي قدور العلمي الذي تميز شعره في المرأة الذي بلغ 16 قصيدة من 55 بالطهر والعذرية وكانت أسماء المرأة في قصائده ترمز جلها إلى الطهر والنقاء والتحجب:أم الغيث \الطاهرة\ حجوبة\ طامو، وجاءت من طم الشيء أي لمه وحجبه واحتفظ عليه \فاطمة نسبة إلى فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلعم. \ياعاشق صون هواك\المزيان\كلثوم وطامو\….أما الباقي من الشعر فقد كان في التصوف والأولياء والمديح والذكر.

أما عبد الهادي بناني فله 85 قصيدة خصص منها 34 قصيدة لأسماء المرأة أي له 40 في المئة من شعره في الغزل والتغزل والحب ومنها على سبيل المثال:
رقو\الغالية\زينب\البتول\حبيبة\اهنية ازهيرو\الياقوت\فطومة\ربيعة\السعدية\فضيلة\..

وهكذا نظم شعراء الملحون في وصف مجالس الأنس والمرح مع التعرض لذكر الفاتنات في قصائد تحمل مثل هذه الأسماء: النزاهة، الزهو وشعبانة والغزال والمزيان, جمهور البنات الفصادة والحجام, ثم قصائد وصف الجمال تعرف باسم من أسماء النساء كزينب أو فاطمة, غيثة .. وهي من باب النوع الغرامي الذي يعبر فيه الشاعر عن عواطف صادقة ولا يكون وصف الجمال إلا غرضا وليس مقصودا بالذات .

القصائد الغرامية تحمل عدة أسماء المحبوب، المعشوق، الجار، المرسول، الجافي الهاجر واللايم والمرسم أي الحي أو المكان الذي يسكنه المحبوب والشمعة حيث يشبه احتراقها وذوبانها وصفرتها صفات العاشق الولهان الذي لا تنقطع دموعه ويحترق فؤاده وتذبل سحنته.

الخمريات وتعني، الدالية، الكأس، الخمرية الساقي، الساحي الخمارة، برع في هذا النوع الشيخ الجيلالي المتيرد، والسي التهامي المدغري، وسيدي قدور العلمي، اولكندوز، الحاج إدريس الحنش.

ويبقى شعر الملحون زاخرا ومتنوعا من حيث موضوعاته لا يعرف فيها حدودا ولا قيودا مما جعل المختصين ينعتونه بالفن الذي يشبه البحر أو المحيط الذي لا حدود له .