الصحراء المغربية: دينامية القنصليات شاهد على النجاح الدبلوماسي

بقلم: زكية لعروسي

منذ عقود، والمغاربة يبرهنون على تشبثهم الراسخ بوحدتهم الترابية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية. ومع بداية عهد جديد في الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، شهد العالم تحولات كبيرة تعكس رؤية بعيدة المدى وحكمة استراتيجية لتثبيت سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

منذ عام 2019 وحتى 2024، افتتحت 29 دولة قنصليات عامة في مدينتي الداخلة والعيون، مع تسجيل أول خطوة دبلوماسية من قبل اتحاد جزر القمر في 18 ديسمبر 2019، بينما كانت جمهورية تشاد آخر الدول المنضمة في 14 أغسطس 2024. ويُرتقب أن تعرف سنة 2025 إضافة دول جديدة لهذه الدينامية، مما سيشكل نقطة تحول فاصلة في حسم ملف الصحراء المغربية.

 

 

هذه الدينامية ليست وليدة الصدفة، بل هي ثمرة الرؤية الملكية كحجر الزاوية لهذا النجاح، إذ استطاع جلالة الملك محمد السادس بحكمته وحنكته، أن يقلب الموازين لصالح المغرب:

– دبلوماسا: استندت هذه الحملة على قواعد قانونية صلبة، وفقاً لاتفاقية فيينا لعام 1963 التي تنظم العلاقات القنصلية.

– سياسيا: أظهرت الشراكات الدولية للمغرب التزام الدول بدعم سيادته على أقاليمه الجنوبية، حيث تعتبر الصحراء المغربية محوراً للتنمية ومعبراً نحو إفريقيا.

– جيوسياسياً: أكدت هذه الإنجازات قيادة المغرب على مستوى القارة الإفريقية، في وقت يُنظر فيه إلى إفريقيا كمستقبل الاقتصاد العالمي.

افتتاح هذه القنصليات هو رسالة واضحة بأن العالم يعترف بسيادة المغرب على صحرائه. الخصوم باتوا معزولين أكثر من أي وقت مضى، بينما يتعزز موقف المغرب إقليميا ودوليا.

ما يميز المغاربة هو وطنيتهم التي لا تقبل المساومة وتشبثهم بكل شبر من أرضهم. الصحراء ليست مجرد امتداد جغرافي، بل هي جزء من الهوية الوطنية. من الداخلة إلى العيون، ترمز رمال الصحراء إلى شموخ الشعب المغربي الذي ظل دائما وراء ملكه وداعما لدبلوماسيته الداخلية والخارجية.

فهنيئا لك يا مغربي بهذا الانتصار الدبلوماسي الباهر، الذي لم يكن سوى ثمرة عقود من النضال والإيمان الراسخ بعدالة قضيتنا. هنيئاً لمن نذروا حياتهم وأراقوا دماءهم الطاهرة لتظل رمال صحرائنا شاهدة على شجاعتهم ووفائهم.

إلى أولئك الذين امتزجت أرواحهم بتراب الوطن، الذين صمدوا ولم يئنّوا، والذين خاضوا المعارك في صمت الكبار، نقول: أنتم الأبطال الحقيقيون، أنتم شعلة الكفاح التي لن تنطفئ. أهنئ رفاتكم الطاهرة، أهنئ عظامكم التي استراحت في أحضان الرمال التي دافعتم عنها بكل ما أوتيتم من قوة.

رمال الصحراء التي سقِيَت بدمائكم صارت اليوم رمزاً للوحدة والقوة، شاهدة على إرث نضالي عظيم. هذا الوطن الذي بُني بتضحياتكم، نحن أبناءه سنظل أوفياء، خلف قيادة حكيمة، متشبثين بحقوقنا وسيادتنا مهما كلف الأمر.

فهنيئا لك يا وطني بالوفاء الذي جُبلنا عليه، وهنيئا لنا بملك حكيم يقودنا بحنكة نحو مستقبل يليق بتضحيات شهدائنا. سنبقى دائماً خلف هذا الوطن، نبنيه ونحميه، لتظل الصحراء جزءا لا يتجزأ من عروقنا، ورمزا خالدا لعزتنا وكرامتنا. فلك فخري الذي نقشته بحرفي:

وطني، يا رمالَ الصحراءِ ومنبعَ الأقدار
يا عروقَ الأرض المنحوتة في قلب النهار
أنتَ سر الأسود حين يزأرونَ في المدى
ووشمُ الأساطير على جبين الفخرِ ارتدى
رمالكَ ليستْ ترابا، بل تاريخٌ مجيد
كتبَته الأرواح فوق حبات الشهيد
هنا مرَّت أقدام الرجال من نور ونار
وهنا انحنت الرياحُ خجلا من عزم الكبار
أيتها الرمال التي تغفو في حضن القمر
وتحرسُ الأسرار تحت ظلّ الشجر
أنتِ تاج الملوك، وحِصن السماءِ
وطنٌ يتنفسُ الكبرياءَ في علياء البقاء
في كلِّ ذرة منك ينبض حُبُّ الوطن
كأنكِ عروقُنا، تمتدّ فينا بلا زمن
أنتِ الكنز الذي خبأتْهُ السماءُ لنا
وسرُّ الأسطورة التي لا يفهمُها سوانا
أيها المغربُ الذي يحتضنُ الرمال كالأم
وسقاها من دماء الشهداء بلا ألم
كلُّ حبةٍ هنا قصةُ عشق خالدة
وكلُّ واد صرخة في وجه الحاقدة
فنحنُ أبناء هذا المجد الذي لا يلين
نحملُ حبَّك يا وطن السلاطين
بقلوبِ الأسود وأحلام الشرفاء
ونكتبُ اسمَك في الأفقِ بضياءِ السماء
يا صحراءَ الأسطورةِ، يا رمالَ الوفاء
أنتِ وشمُ الخلود على جبين البقاء
فيكِ امتزجت.الأرواح بنشيدِ القدر
وأصبحَ التاريخ يروي قصةَ الحجر

فهنيئا لنا بكَ يا وطنَ الأبطال
وهنيئا لرمالكِ التي تسكنُ الخيال
ولا عزاء للحاقدين
سنظلُّ نحميك يا نبض القلب
ونغنيك عشقا حتى يفنى الكونُ والزمن.