أخبارمجتمع

صرخة بيئية وسياسية من قلب المغرب: محمد الدفيلي ونموذج الشباب الذي نحتاجه

بقلم: زكية لعروسي

في زمن تتداخل فيه أصوات الحداثة مع صرخات الطبيعة، وفي خضم فوضى سياسية واجتماعية، يبرز في المغرب شباب يحملون على عاتقهم مسؤولية بعث الحياة في ما نُسِي أو أُهمل. في قلب هذا المشهد، يسطع اسم محمد الدفيلي، شاب مغربي يشكل بحد ذاته صدمة حضارية بين ما هو أصيل وما هو دخيل، بين ما يفسد البيئة وما يعيد الاعتبار لها.

المجتمع المغربي، مثل الكثير من المجتمعات، لم يسلم من قبضة الاستهلاك العشوائي واندثار القيم البيئية. الأسر التي كانت بالأمس تعيش بتناغم مع الطبيعة، أصبحت اليوم مهووسة بما تنتجه المصانع الصينية والتركية. بيوت كانت تفوح منها روائح الطين والأعشاب والحلفاء، صارت تمتلئ بالبلاستيك والرغوة الصناعية. البيئة تُنهك، والهوية تُمسخ.

لكن في وسط هذا الخراب، ينبعث أمل جديد. أمل يشبه تراب القرى المغربية حين تسقيه الأمطار، فينبت الحياة. هذا الأمل يتمثل في شباب مثل محمد الدفيلي، ابن جماعة انزالت لعظم بإقليم الرحامنة، من مواليد أواخر التسعينات، صاحب مسار عصامي قلّ نظيره. رجل جمع بين العلم والفعل، بين القلم والميدان، بين القانون والبيئة، بين السياسة والصحافة.

منذ 2007، انخرط الدفيلي في العمل الجمعوي، ومنه إلى السياسي، باحثا عن مفاتيح التغيير من داخل المؤسسات، لا من خارجها. كانت أحزابه السابقة محطات تجربة، حتى وجد ضالته في حزب الخضر المغربي، حيث تماهت رؤيته مع مبادئ الحزب: البيئة، الاستدامة، التمكين، الأصالة.

ويدخل محمد الدفيلي، يوم 22 أبريل الجاري، غمار انتخابات جزئية لملء المقعد الشاغر بالدائرة الانتخابية رقم 8 بجماعة انزالت لعظم بإقليم الرحامنة.

 

 

 

أسّس جمعية الرحامنة للبيئة والتنمية المستدامة سنة 2019، كجسر حيوي بين المجتمع والطبيعة.

في نقاش طويل جمعنا، عبّر الدفيلي عن قلقه من التخلي عن الأواني الطينية لصالح البلاستيك، عن تلاشي “حرفة بوشراوط” التي كانت تعيد الحياة للملابس القديمة، عن غزو الألبسة السريعة، عن نسياننا لأقمشتنا المغربية النبيلة والقطنية التي تحتضن أجسادنا ولا تخنقها.

حلمه ليس مجرد استعادة الماضي، بل تحويله إلى مشروع مستقبلي. هو لا يدعو فقط للحنين، بل يدعو لتقنينه، لتحديثه، لدمجه في سياسة اقتصادية وثقافية تحترم البيئة وتعزز الذات المغربية.

إن حزب الخضر، الذي كان يُنظر إليه كمجرد زينة انتخابية، قد يكون حقا مستقبل السياسة في المغرب، إذا التفت الشعب إلى وجوه جديدة وصادقة، مثل محمد الدفيلي. شباب يرفضون الاستهلاك الأعمى، ويقترحون حلولا بسيطة: تقليل الشراء، العودة إلى المقايضة، إنتاج محلي يحترم الأرض ولا يستنزفها.

الدفيلي هو صوت القرى الجديد ” الجديد بجدتو والقديم لا تفرط فيه”..قرى لا تزال تهمس بالنعناع، هو ذاكرة المدن التي تحاول ألا تنسى الحلفاء والخبز الطيني. هو مثال على كيف يمكن للشباب أن يكونوا فاعلين، لا متفرجين، وكيف يمكن للسياسة أن تلتقي بالصحافة، بالمعرفة، وبالطين والماء.

رسالة محمد الدفيلي واضحة: المغرب لن يُبنى من فوق، بل من التربة. من هناك تبدأ الحكاية وقصة حزب الخلخال.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Soyez le premier à lire nos articles en activant les notifications ! Activer Non Merci