أخبارسياسة

الجزائر والموقف الأمريكي من الصحراء المغربية: «اللِّي ما وصل العنب، يقول حامض!»

بقلم: زكية لعروسي

في مستجدّ دبلوماسي جديد، أطلقت الجزائر بيانا غاضبا تتقاطر منه عبارات التنديد والتذمر، ردا على تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية اعترافها بسيادة المملكة المغربية على أقاليمها الجنوبية، وتجديد دعمها الثابت لمقترح الحكم الذاتي، باعتباره الحل الوحيد الواقعي لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وقد حمل هذا البيان الجزائري نبرة متشنجة تعكس اضطرابا داخليا عميقا في دهاليز النظام الجزائري، وتفضح مدى العزلة التي أضحى يعيشها هذا النظام على الساحة الدولية.

وفي الوقت الذي تتوالى فيه المواقف الإيجابية الداعمة للمبادرة المغربية من مختلف عواصم القرار العالمي، تصر الجزائر على السباحة ضد التيار، متشبثة بخطاب متجاوز لم يعد يجد آذانا صاغية إلا في أروقة بالية تعود إلى زمن الحرب الباردة.

وفي كل مرة يحقق فيها المغرب إنجازا دبلوماسيا لافتا، تطلّ الجزائر ببيان حانق لا يخلو من مرارة، وكأنها تهمس للمغاربة: “لا فرحتكم تفرحنا، ولا نجاحكم يسعدنا”. وآخر هذه النوبات جاء إثر إعلان أمريكا مجددا دعمها الصريح لمغربية الصحراء، حينها لم تجد الجزائر سوى الصراخ والضجيج، كأن نارا اندلعت في خيمتها.

ولا شك أن الموقف الأمريكي ليس إلا تتويجا لمسار طويل من الاعترافات والدعم الدولي المتزايد لمقترح الحكم الذاتي المغربي، “اللي بغا يلم الشمل” ويحفظ كرامة الصحراويين ضمن السيادة الوطنية. غير أن الجزائر، كـ “اللي يطفّر وما يخلي غيرو يطفّر”، رأت في هذا التقدّم تهديدا لها، ونسيت أن “اللي دارها بيدّيه، يفكها بسنانه”.

ويزخر الرد الجزائري بتناقضات فاضحة؛ فكيف لدولة تزعم دعم حق تقرير المصير، أن تعارض مبادرة تلقى إجماعا دوليا متناميا، وتضع مصلحة سكان الصحراء في صلب الحل؟ وكيف لدولة تدّعي الحياد، أن تهاجم بشكل مباشر موقف قوة عظمى وعضو دائم في مجلس الأمن؟

لقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب قوى عالمية أخرى، ترى في مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية حلا عقلانيا وواقعيا يحترم خصوصية المنطقة ويضمن استقرارها. أما الجزائر، فما زالت أسيرة أطروحة انفصالية فقدت بريقها، وتحولت من “مدافع مزعوم عن الشعوب” إلى طرف صريح في نزاع إقليمي تُهدر فيه ثروات وتُستنزف فيه فرص.

ولم يأت بيان الجزائر بجديد، بل كان تكرارا مملا لأسطوانة مشروخة لم تعد تقنع حتى من يرددها. يتحدثون عن “حق الشعوب”، وهم أول من يقمع أنفاس كل صوت حر في بلدهم. ويتغنون بـ “الحياد”، وهم من سلّح وموّل ودعم البوليساريو لأكثر من أربعة عقود. “اللي ما قدّك في المواجهة، زيدك فالتبرهيش!”، هكذا تصرفت الجزائر حين وقعت في الفخ الذي حفرته بيدها.

فبدلا من مواجهة الحقائق الجيوسياسية الجديدة، اختارت التصعيد ومواجهة أقوى قوة في العالم، فقط لأنها نطقت بكلمة حق. ولا يدل ذلك إلا على مزيد من التخبط والانفصال عن الواقع.

أما المغرب، فقد اختار طريق الحكمة والعمل بصمت، يكسب المعارك واحدة تلو الأخرى بثبات وصبر. “ما يحكّ ظهرك بحال ظفرك”. والمغاربة، على اختلاف مشاربهم، أيقنوا أن لا أحد سيحمي قضيتهم العادلة سوى أبنائها المخلصين. والحمد لله، تتزايد الدول التي ترى في المبادرة المغربية حلا سلميا حقيقيا يضمن الحقوق ويحفظ الاستقرار.

بينما الجزائر لا تزال تدور في حلقة مفرغة، تمعن في العناد وتفتعل الخصومات، كمن “يضرب الريح بالعصا”. أما الحسد، وكما يقول المثل، “ما كيعطي غير الهم”.

“اللي حسد الناس، ما يتهناش”، وهكذا هي الجزائر: لا استطاعت كسب الصحراويين، ولا تركت المغرب يمضي في سبيل البناء والتنمية.

وفي ختام المشهد، لا نجد أبلغ من القول: “المغرب طالع، واللي ما عجبوش الحال، يشرب البحر”.

إن ما حدث لم يكن مجرد رد فعل تقليدي، بل سقوط مدوٍّ في امتحان الدبلوماسية. فقد اختارت الجزائر أن تصطدم علنا بموقف واشنطن، لتجد نفسها وجها لوجه مع إرادة المجتمع الدولي، وتؤكد عزلتها المتنامية إقليمياً ودولياً.

لقد نصبت نفسها خصما مباشرا، لا وسيطا، ومصدرا للقلق الإقليمي بدل أن تكون عنصرا للاستقرار. وفي نهاية المطاف، لا منتصر في هذا المشهد إلا المغرب، الذي يرسخ يوما بعد يوم مكانته كقوة إقليمية موثوقة، بشهادة الأصدقاء والخصوم، بينما يغرق خصومه في مستنقع الخطابات الجوفاء والمكابرة العقيمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Soyez le premier à lire nos articles en activant les notifications ! Activer Non Merci