غزة: موقف المغرب الدبلوماسي الواضح والثابت من العدوان الإسرائيلي

بقلم: زكية لعروسي

في زمن يفترض أن تتوحد فيه القيم الإنسانية وتحترم فيه قدسية الأشهر المباركة، تطل آلة الحرب مجددا على غزة، مدينة الصمود، لتعيد مأساة لا تنتهي. ففي رمضان، حين ترفع الدعوات للسلام والرحمة، تتصاعد أصوات القصف، ويتحول ليل المدينة إلى نهار مشتعل، وأحلام أطفالها إلى كوابيس من الدمار.

ما يحدث في غزة ليس مجرد تصعيد عابر، بل هو استمرار لسلسلة من الانتهاكات التي تتحدى كل القوانين والأعراف الدولية، وتنتهك أبسط الحقوق الإنسانية. في ظل هذا العدوان، تبرز أصوات الرفض والاستنكار من مختلف بقاع العالم، لكن ما يميز الموقف المغربي أنه لم يكن صوتا عابرا، بل موقفا دبلوماسيا واضحا، يقوده بُعد نظر ملكي يرتكز على ثوابت إنسانية وسياسية.

جاء الموقف المغربي، كما عبّر عنه وزير الخارجية ناصر بوريطة، ليؤكد موقفا ثابتا من القضية الفلسطينية، حيث شدد على أن المغرب يدين بشدة وبدون أي لبس انتهاك وقف إطلاق النار والعدوان الإسرائيلي المتجدد ضد المدنيين في غزة. وأشار الوزير إلى أن ما يحدث ليس فقط أمرا غير مقبول، بل يمثل عائقا كبيرا أمام أي فرصة للسلام.

 

 

لم يكن هذا التصريح مجرد موقف سياسي، بل امتدادًا لنهج واضح وضع أسسه الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، الذي طالما دعا إلى احترام القرارات الدولية ووقف سياسات التهجير والتجويع التي تحاصر الفلسطينيين. فقد أكد العاهل المغربي على أن وقف إطلاق النار لا يجب أن يكون ورقة تفاوضية أو مجالا للمساومة، بل هو حق إنساني أساسي لا يمكن القفز عليه.

إذا كان العالم قد اعتاد أن يرى في الحروب حسابات سياسية معقدة، فإن ما يجري في غزة يتجاوز كل الحسابات، لأن القضية لم تعد فقط صراعًا سياسيا، بل اختبارا للضمير الإنساني. كيف يمكن أن نتحدث عن قيم التعايش واحترام الأديان في حين تُنتهك أبسط القيم الإنسانية خلال شهر يُفترض أن يكون شهر سلام؟

إن استمرار هذا العدوان يعكس أزمة عميقة في النظام الدولي، حيث تنتهك القوانين ولا تجد الإنسانية من يدافع عنها بحق. وبينما تتجه الأنظار إلى المبادرات الدبلوماسية، يبقى صوت المغرب واحدا من الأصوات القليلة التي تنادي بوضوح لوضع حد لهذه المأساة، ليس من باب العاطفة أو الانحياز، بل من منطلق الالتزام بمبادئ العدالة والشرعية الدولية.

رغم كل ما تمر به، تبقى غزة عنوانًا للصمود، تبقى ملحمة إنسانية تكتب بالدم والصبر. وبينما تعلو أصوات الدمار، يظل الأمل معلقا في صوت الحق، في مواقف ترفض التطبيع مع الظلم، وتؤمن بأن للسلام طريقا واحدا: إنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

وفي رمضان، حين تتلاقى الأديان في دعوات السلام، يبقى السؤال مفتوحا: إلى متى يستمر هذا الصمت العالمي، وإلى أين نحن ماضون إذا لم تعد حتى الأشهر المقدسة تحظى بالاحترام؟