بقلم: زكية لعروسي

فشلت الجزائر، يومه الأربعاء، في الانضمام إلى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي (CPS)، في تطور يعكس العزلة الدبلوماسية لهذا البلد في القارة الإفريقية. هذا الإخفاق يشكل نكسة كبرى لطموحات الجزائر التي كانت تسعى إلى استعادة المقعد الذي يشغله المغرب منذ ثلاث سنوات.
على الرغم من التحركات المكثفة لدبلوماسية الجزائر في كواليس الاتحاد الإفريقي ومحاولات حشد الدعم داخل المنظمة القارية، إلا أن النتيجة جاءت عكس التوقعات. لم تستطع الجزائر تأمين العدد المطلوب من الأصوات خلال التصويت السري، حيث رفضت العديد من الدول الإفريقية منحها ثقتها.
يرجع فشل الجزائر في كسب هذا المقعد المهم إلى عدة عوامل، أبرزها نزاعاتها المفتوحة مع عدد من الدول الإفريقية، مما ساهم في عزلة دبلوماسية واضحة. فبدلًا من تعزيز حضورها كقوة داعمة للسلم والاستقرار في القارة، انخرطت الجزائر في سياسات تصعيدية أثارت حفيظة جل العواصم الإفريقية.
وتُعد هذه الخسارة بمثابة ضربة قاصمة للسياسة الخارجية الجزائرية التي تتبنى في السنوات الأخيرة دبلوماسية «الدكتافون»، والتي باتت توصف بـ”سياسة القوة الضاربة”. غير أن الواقع الميداني يعكس تناقضا واضحا بين الطموحات والشعارات وبين النتائج المحققة على الأرض.
استعادة الثقة الإفريقية تتطلب من الجزائر مراجعة شاملة لسياساتها الإقليمية، واعتماد نهج يقوم على الحوار والتعاون بدل التصعيد والانخراط في نزاعات عقيمة.
يعكس هذا الإخفاق الجزائري واقع التغيرات الجيوسياسية في إفريقيا، حيث باتت الدول الإفريقية أكثر حرصًا على التعاون مع شركاء يسعون للاستقرار والتنمية، بعيدًا عن الصراعات السياسية والمصالح الضيقة.
في كواليس الاتحاد الإفريقي، لم تستطع الجزائر إقناع الدول الإفريقية بدعمها، ليس لأن الحظ خانها، بل لأن السياسات التصعيدية التي انتهجتها جعلت الكثير من العواصم تتجنب منحها هذا المنصب الحساس. وهكذا، وجد شعار “القوة الضاربة” نفسه في مواجهة الحقيقة المرة: لا صاروخ سيُنقذ السمعة الدبلوماسية، ولا “ضباب” سيغطي فشل صناديق الاقتراع.
مع هذا الإخفاق، أصبح السؤال المطروح: هل ستراجع الجزائر سياستها الخارجية؟ أم ستستمر في رفع شعارات “الفضاء والخواء” دون الالتفات إلى مطالب القارة الحقيقية؟
ما يريده الأفارقة اليوم هو شراكات قائمة على التنمية، وليس خطابات جوفاء وألعاب إعلامية. وإلى أن تتحقق هذه المراجعة، ستبقى الجزائر تتخبط بين طموحاتها غير الواقعية وواقع دبلوماسي لا يرحم من يراهن على “الضباب” بدل العمل الملموس.