الزليج البلدي المغربي: تراث عريق بين سرقة الهوية وهجرة الحرفيين وضعف الإقبال-فيديو

 

 

 

يعتبر الزليج البلدي المغربي من أعرق الفنون التقليدية التي تميزت بها المملكة المغربية عبر العصور، حيث يعكس مهارة الحرفيين المغاربة وإبداعهم في تشكيل الفسيفساء بألوان زاهية ونقوش هندسية فريدة.

هذا الفن ليس مجرد زخرفة، بل هو تراث مغربي أصيل يعبر عن هوية البلد وحضارته العريقة، وعلى الرغم من الإقبال العالمي على الزليج المغربي، إلا أن هذه المهنة تواجه اليوم تحديات كثيرة، بدءا من سرقة التراث، مرورا بقلة الإقبال، وصولا إلى غياب التقنين وهجرة اليد العاملة.

في تصريح لجريدة الكوليماتور، تحدث الصانع التقليدي للزليج المغربي، السيد فريد البراهمي، عن أصالة هذا الفن، مؤكدا أن “الزليج البلدي له تاريخ عريق، والمغاربة سعوا إلى تطويره، كما أن المغرب هو البلد الوحيد الذي يمتلك الحرفيين القادرين على صنعه، نظرا لصعوبة ظروفه ومتطلباته، فلا يمكن لأي شخص أن يتعلمه ما لم يتحل بالصبر والطاقة اللازمة، كما أن الحرفي لا يصبح معلما إلا بعد تجربة تمتد لعشرين سنة على الأقل.”

 

 

أما عن سرقة التراث المغربي، فقد تطرق البراهمي إلى محاولات الجزائر نسب هذا الفن إليها، قائلًا: “إذا كان الأشقاء الجزائريون يعترفون بالجميل، فلا مانع لدينا من ممارسة هذه المهنة في بلدهم، كما فعلنا في مختلف أنحاء العالم، فاللمسة المغربية موجودة عالميًا، وأقل ما نطلبه هو الاعتراف بهذا التراث كمغربي أصيل.”

وفيما يتعلق بهجرة اليد العاملة، أوضح البراهمي أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو غياب الدعم، حيث لم يعد الشباب المغربي يُقبل على تعلم هذه الحرفة، مما دفع العديد من الصناع التقليديين إلى البحث عن سبل أخرى للعيش، سواء داخل المغرب أو خارجه.

كما أشار إلى أن دخول الدخلاء إلى المجال، لا سيما أصحاب رؤوس الأموال الذين يبحثون فقط عن الربح، أثر سلبًا على جودة الصناعة التقليدية وأضر بالحرفيين الحقيقيين.

أما عن الإقبال على الزليج البلدي، فقد أكد البراهمي أنه في تراجع مستمر، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع تكاليف هذه الحرفة.

كما أشار إلى أن المهنة غير مقننة، إذ تتطلب تعلمًا من الصغر، وهو أمر يصعب تقنينه في ظل القوانين الحالية التي تحمي حقوق الطفل، ونتيجة لذلك، فإن الشباب الذين يصلون إلى سن 17 أو 18 عاما يجدون صعوبة في إتقان هذه المهنة، مما يهددها بالاندثار.

يواجه الزليج البلدي المغربي تحديات كثيرة تهدد استمراريته، من سرقة التراث إلى تراجع الإقبال وهجرة الحرفيين وضعف الدعم.

ورغم كل هذه العقبات، لا يزال الحرفيون المغاربة يكافحون للحفاظ على هذا الإرث العريق، آملين أن يجدوا آذانًا صاغية لدى المسؤولين وصناع القرار.

فالحفاظ على الزليج البلدي ليس مجرد حماية لحرفة تقليدية، بل هو حفاظ على هوية المغرب وتراثه الثقافي الفريد.