أنا غير حوتة ولاحني البحر:

بقلم: عبد الدين حمروش

كلما تصفحت الفايسبوك، في هذه الأيام الأخيرة، إلا طالعتني تدوينات عن العرب والأمازيغ في المغرب. والغريب أن النقاش في هذا الموضوع المعقد صار يتناول بقدر من السهولة الساذجة، والوثوقية العالية.

خلال قرون عديدة، امتزج الأمازيغ بالعرب والأفارقة. وحتى لو افترضنا أن شعبا أول استوطن هذه الأرض منذ بدء الخليقة، فالواقع يتحدث عن تعددية المغرب اليوم… هذا هو الواقع.. وإلا فليحمل كل واحد من المغاربة سيفا، ويقطع به رؤوس من يزعم أنهم ليسوا من فصيلته العرقية..لكي يثبت به فرضية العرق الخالص.. الحماق هذا!!!

والغريب أن يخرج الواحد منا علينا، وينطق باسمنا جميعا جازما أن المغرب كله أمازيغي، أو المغرب كله عربي… من قال لك ذلك؟ وتحت أي معيار، أو عنوان؟ مهما تبنينا أطروحات من هنا أو هناك، فإننا نظل مواطنين مغاربة، حيث المواطنة تلفنا جميعا بقماطها.

ماذا يضير هذا الواحد منا لو قال: نحن مغاربة جميعا؟ وبعد ذلك، يترك للتعدد أن يعبر عن نفسه داخل فسيفساء المغرب الجميلة؟ والمستغرب أن ممن يسمون مثقفين صاروا يسقطون تباعا في نوع من الشوفينية المقيتة، بحثا عن النقاء العرقي الخالص.

والأغرب من كل ذلك أن منهم من يكتب أدبه بعربية فاتنة، تصل حد العشق والفتنة. عربيتنا ممزغة، مثلما أن أمازيغيتنا معربة. وهذا هو ما يميزنا عن بعض العرب: نتشابه معهم ونختلف أيضا. أمر طبيعي. تابعت تدوينات بعض أصدقائي، وبدأت أشك في طوياتهم. كيف يمكن أن تصير عليه البلاد، لو تفاقم هذا النقاش الشوفيني؟ لربما واحد من هؤلاء سأجده، حاملا سلاح كلاشينكوف عند راس الحومة، يسألني: هل أنت عربي أو أمازيغي؟