كتبه: أيوب العياسي
السيد رئيس الحكومة رجل المقاولات في البدأ، وبعدها رئيس الحكومة، ذات الأغلبية المريحة جدا، يتوجه للبرلمان في جلسة مساءلة رسمية، بما مفاده أن رأي نواب الأمة لا يهمه كثيرا، فما يهمه رأي المواطنين الذين يثمنون عمل حكومته وإجراءاتها لصالحهم. عن أي مواطنين يتحدث السيد رئيس الحكومة؟ هل يعلم ما يعيشه الشعب، من إحتقان وإحباط وقلة ذات اليد، من جراء سياسات إغناء الغني وتفقير الفقير، التي استفحلت في عهده؟؟؟ أم أن المواطنين الذين رغبوا في الشكوى من الفيل الضخم الذي يزعجهم، تلعثموا أمام هيبة رئيس الحكومة وسلطته. فوجدوا أنفسهم يطالبون بتزويج الفيل بفيلة، كما في المسرحية الشهيرة: “الفيل يا ملك الزمان” للكاتب سعد الله ونوس. المشاكل استفحلت وأصبح هناك من يطالب بمشاكل أكبر وأفدح كحلول لها. “اللي ما قدو فيل زيدو فيلة” كما تقول العامة.
وبعيدا عن حديث الفيل، يكفي حديث الكبش أو الحولي، لتفهم الحكومة أن المغاربة مازالوا وسيظلون مرتبطين بشعائر دينية وعادات إجتماعية، يشعرون بالأسى حين يفهمون معها أن جيوبهم صارت منخورة، ولا يقدرون على مصاريف هكذا أعياد، التي تضخمت بفعل التضخم الإقتصادي العام، كما بجشع “شناقة” في ميادين وقطاعات مختلفة، لا قلب لهم على المواطن ويرفعون من درجات الإحتقان الإجتماعي. ” وشحال يقدك من أستغفر الله يا البايت بلا عشاء” كما يقول المثل الشعبي دائما. “الحولي، يا رئيس الحكومة”، فضح تواصل الحكومة وإدعاءاتها حول دعم إجتماعي فكرته محمودة، لكن تطبيقها بالشكل الحالي وأمام هكذا أوضاع، غير كافي لسد رمق عائلات فقيرة وطبقة متوسطة انعدمت وأصابتها الهشاشة، وتمكينها من تغطية مصاريف متوالية بين دخول مدرسي ورمضان وعيد أضحى وعطلة مدرسية…
“الحولي، يا رئيس الحكومة”، من شأنه في كل “بااااع …..”يقولها، وترددها معه الحكومة في وجه الفئات الهشة، أن يشرح لكم أن الإستراتيجيات والدراسات والأرقام التي توضع بفكر أونجلوساكسوني وفرانكوفوني متجدرين في بيروقراطيتنا، لا تعكس أحوالا اجتماعية لوطن له خصوصيته الدينية والإجتماعية.
“الحولي، يا رئيس الحكومة”، جعل الناس تتحدث في المقاهي والصالونات ولدى الحلاق… عن مساءلة مخطط المغرب الأخضر ومدى نجاعته ونجاعة الدعم المقدم للمواشي، امام استقدامها مستوردة من الخارج…!!!
إن استخفافكم، السيد رئيس الحكومة، بمؤسسة دستورية أعضاؤها هم ممثلوا المواطنين، يمكن اعتباره من باب زلة اللسان أو عدم اتقان التواصل، الذي تدعي حكومتكم أنها بارعة فيه من خلال صنع الكبسولات الدعائية وتجييش المنابر الإعلامية القابلة لذلك، من كل حذب وصوب، مما أصبح معه صوت المعارضة بل وقبله صوت الموضوعية والنقد والتحليل مبحوحا، اللهم بعض الإصرار هنا وهناك لبعض الغيورين، الذين يبدون “بمؤشرات العصر” كالحمقى أو يتم بسهولة تسفيه عملهم الوطني والمسؤول بكونهم تحركهم رغبة في الإستفادة من الكعكة.
لا سادتي الكرام، الوطن ليس كعكة يتقاسمها الأعيان! والمواطنون أبعد من أن يكونوا قطيعا يتم ترقيمه ووضعه في الواجهة، للبيع بثمن يحدده “الشناقة” حسب أعراف المضاربات وقوانينها. الحمد لله أنه كلما ضاقت ذرعا بالمواطنين، يعرفون أن الأزمات مهما اشتدت تهون… وأن الحكومات سائرة إلى زوال! وأن هناك رباط وثيق يجمعهم بعاهل البلاد، الضامن الأساسي لاستمرارية الدولة والساهر الحكيم على توازناتها. لذلك هم لا يكترثون كثيرا لإدعاءاتكم الواهية. ولا للجشع الذي قد يصيب بعض اللوبيات، فللبيت رب يحميه! غير أن مسلسل تبخيس المؤسسات الدستورية والمنتخبة وهيئات تأطير المجتمع والمواطنين، لا يفيد الديمقراطية الحقة في شيء. ولتتذكروا أن مشروعنا جميعا، وإن اختلفت المواقع، تحت رعاية عاهل البلاد، هو دولة الحق والقانون.