“يا عباد الله قوموا لا تنامو، هذا وقت الخير، قوموا تغنموا”. ينساب هذا النغم العذب في أذاننا كل فجر، على أمواج المذياع حاملا معه دعوة للنهوض من غفلة النوم وبدء يوم جديد بنشاط وعزيمة. لكن ماذا لو وظفنا هذا النداء لتكون صرخة توقظنا من سبات أعمق، سبات الكسل واللامبالاة؟
يردد الكثيرون عبارة “المواطنة” دون إدراك لعمقها. فالمواطنة ليست مجرد صفة تنسب إلينا، بل هي مسؤولية عظيمة تحتم علينا العمل الجاد لبناء وطن مزدهر. فكما تنير شمس الفجر الأفق، يجب أن تنير أعمالنا طريق التقدم والرقي.
إن المواطنة مسؤولية وأمانة على عاتق من يحملها، والتحديات الكبيرة تتطلب من الجميع تغيير النظرة من التذمر وإلقاء اللوم على الآخر إلى السعي من أجل الإنجاز.
لا ينكر أحد وجود صعوبات تواجهنا، لكن لا يجب أن نستسلم لها. فبدلا من التذمر من كل شيء، يجب أن نركز على إيجاد الحلول.
اليابان، تلك الدولة التي لا تملك موارد طبيعية ولا أراض فلاحية، تعد مثالا يحتذى به، فبفضل مواطنيها المخلصين، الذين يعملون بجد وإخلاص، أصبحت من أقوى الدول اقتصاديا. والمواطن الياباني رمز للمثابرة والإخلاص حيث يعرف بانضباطه وحرصه على إتقان عمله.
ففي اليابان، ينظر إلى العمل كواجب وطني، وليس مجرد وسيلة لكسب المال. هذا الإخلاص في العمل هو ما جعل من اليابان دولة رائدة في مختلف المجالات.
وفي عالم اليوم، الذي يتغير بسرعة كبيرة، لم تعد الفرص فيه متاحة إلا للأمم التي تتوفر على رأس مال بشري ماهر ومحب لوطنه.
ففي الوقت الذي يضيع فيه بعضنا ساعات طوال في المقاهي، يكرس اليابانيون أنفسهم لتطوير مهاراتهم ورفع كفاءتهم.
لم يعد مجديا أن ننتظر ونحلم لنحقق أحلامنا. فمستقبلنا بأيدينا، والنهوض بوطننا مسؤوليتنا جميعا، كل من موقعه، وقد حان الوقت أكثر من أي وقت مضى للتخلّص من الكسل واللامبالاة، والبدء بالعمل بجد وإخلاص لبناء مستقبل أفضل لأنفسنا ولأبنائنا مستحضرين إنجازات الماضي الملهمة، فما حققه أجدادنا منذ قرون مضت ومنذ فجر الاستقلال يحتم علينا مواصلة البناء.
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا، فكل ما نحتاجه هو المواطنة الحقة والمثابرة لننير سماء وطننا بسواعدنا، ونحول الظروف الصعبة إلى فرص، ونجعل بلدنا نموذجا يحتذى به في التقدم والازدهار.
يا عباد الله قوموا لا تنامو، قد حان وقت المهن، قوموا تغنموا ويغنم الوطن.