حافظت وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، ارانشا غونزاليس لايا، في تصريحها الإعلامي الأخير ، على خطها المشاكس للتفاهم المغربي الإسباني المطرد، منذ خروجها من حكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز. ولعل خرجتها هاته، تفضح استمرار تواطئها مع جبهة البوليساريو، وفي الخلف قصر المرادية، منذ سماحها باستقبال زعيم الانفصاليين، إبراهيم غالي، بوثائق مزورة.
الموقف المرجو، بعد خروجها من الحكومة، وقتئذ، ان تصمت إلى الأبد. كان هناك اختيار، وفشل، ثم بني عليه اختيار جديد: تفهم إسباني واقعي للموقف المغربي من قضية الصحراء، وفي إثره إقلاع عن مناوءته في وحدته الترابية. ومن هنا، فلا يمكن تفسير خروج لايا، اليوم، الا باعتباره رد فعل “انفعالي”، منذ خروجها “المكره” من الحكومة الإسبانية، ثمنا لخطيئتها الفادحة، المتمثلة في السماح لغالي بالدخول إلى التراب الإسباني باسم مستعار.
ما هو الجديد في خرجة لايا الإعلامية مؤخرا، بالنسبة إلى قضية الصحراء المغربية؟
الجديد، لدى وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، يتمثل في عقد مقارنة بين ما لا يقارن أصلا. فاستغلالا للأحداث الأخيرة بغزة، ذهبت لايا إلى ان العبرة ليست في الزخم، الذي يشهده التفهم الدولي للموقف المغربي من قضية الصحراء، مثلما لم تكن العبرة في تجاوز الفلسطينيين أصحاب الأرض، من بوابة الدخول في تفاهمات مع المحيط العربي الإقليمي. والإحالة، بالطبع، هنا، إلى ما عرفته القضية الفلسطينية من سياقات جديدة، خلال السنوات الاخيرة، نتيجة لفرض الحكومات الإسرائيلية المتطرفة طبيعة الحل مع الفلسطينيين. بصريح العبارة، لايا تدعي أن “حل المشكلة ينبغي ان يكون من الجذور”، أي مع سكان الصحراء، وليس مع الدول التي تتبنى هذا الموقف أو ذاك من الصحراء. وإن كانت لغتها مدبجة بقدر كبير من الدبلوماسية، الا ان هدفها “المناوىء” للموقف المغربي لا تخطئه القراءة الأولى لأي ملاحظ.
أصلا، لا تصح المقارنة بين القضيتين: الفلسطينية والصحراوية. فالصحراويون جزء من المغاربة، الذين عمروا أقاليم الصحراء منذ أزمنة سحيقة، ومن ثم فهم ليسوا وافدين مثل الشتات اليهودي من مختلف بقاع العالم من جهة، وليسوا مستوطنين صهاينة يصادرون الأرض الفلسطينية بالنار والحديد من جهة ثانية. إضافة إلى ذلك، فإن الصحراء ظلت جزءا من التاريخ المغربي، سياسيا وثقافيا واجتماعيا. وإن هيمنت إسبانيا على الصحراويين سياسيا، خلال مرحلة معينة، قصيرة على كل حال، الا ان ارتباطهم الثقافي والاجتماعي بالمغرب، وبالحكم المغربي، قد استمر بدون انقطاع. كان ذلك جزءا من منطوق قضاة محكمة لاهاي حول الموضوع في وقت سابق.
المغرب لم يقطع، في يوم من الايام، تواصله مع مواطنيه الصحراويين، بمن فيهم الانفصاليون. وما طرحه لمشروع الحكم الذاتي على طاولة النقاش، منذ سنوات، الا تعبيرا عن الرغبة في تمكين جزء من مواطنيه من حكم أنفسهم بأنفسهم، تحت راية المغرب الموحدة.
لا، يا لايا..لا وألف لا.