لا يا ميدي 1 تيفي: الحياد غير مقبول في قضية الصحراء المغربية (بقلم: عبد السميح الورياغلي)

نحتاج، في كثير من مؤسساتنا، على مختلف مشاربها، إلى التشبع بثقافة محاربة الانفصال. هذا الأمر يبدو ذا أهمية قصوى، بالنسبة إلى بلادنا، التي تواجه الدعاية الانفصالية للبوليزاريو والجزائر والدول الدائرة في فلكهما. ذلك ان في حالات عدة، كنا نستغرب كيف ان عرضا دراسيا، مثلا، في أي مؤسسة تعليمية، يمكن ان يسيء الى وحدة ترابنا، حين يتم عرض خارطة البلاد مقسومة إلى نصفين عبر فاصل، او عبر لونين مغايرين. وفي مختلف هذه الحالات، وبدون اسثناء، عادة ما يرجع الخطأ الى عدم التنبه والتفطن. والاخطاء لا تخص مؤسساتنا التعليمية وحدها، بل تشاركها في ذلك مؤسسات أخرى، من قطاعات مختلفة، بسبب انعدام الحرص والتنبه كما قلنا.

في مسألة الوحدة الترابية للبلاد، لا ينبغي ان يكون، هناك، حياد بتاتاً. ذلك هو الموقف الصارم الذي ينبغي ان يسود مع مختلف المؤسسات الاجنبية العاملة ببلادنا، فبالاحرى ان كانت مشاركة لنا في الوطن ذاته. وبالنسبة إلى الأجنبية، المقيمة بين ظهرانينا، على تراب الوطن، طالعتنا وسائل إعلام مغربية، مؤخرا، بخبر إدراج مؤسسة حديقة “ايف سان لوران”، بمراكش، لدولة الوهم، ضمن منصة استبياناتها. ولأن الرد الإعلامي الوطني كان قويا، تابعنا كيف تدراكت المؤسسة الخطإ، لتصححه، بعد ذلك، بسرعة.

 

 

إنها حرب اعلامية يومية لمحاربة ثقافة الانفصال. ولأن العالم أضحى قرية صغيرة، بسبب تمدد الشبكة العنكبوتية، فقد تزايد حجم الوقوع في الخطا، عبر تسرب بعض المعلومات أو الصور، المنازعة لنا في وحدتنا الترابية.

غالبا ما تحصل الأخطاء، مثلما قلنا، عن طريق التسرع او التراخي. لكن، هناك مؤسسات وطنية اخرى غير مسموح لها بالخطأ قطعا، مثل قنواتنا الاعلامية، بمختلف وسائلها ووسائطها. ذلك ان مجال اهتمام الاخيرة، الذي يرتكز على الخبر، صياغة وعرضا، معززا بالصور المناسبة، يندرج ضمن موضوع اشتغالها الرئيس. وفي هذا الاطار، يمكن للمرء ان يندهش من تقديم قناة “ميدي 1 تيفي” خبر حصول مظاهرات واعتصامات، ضد ميليشيات البوليزاريو، على أساس أنها مجرد “انفلات أمني”.. وكأن الأمر يتعلق بجانحين في قضايا مجتمعية منتشرة، مثل ترويج المخدرات او ما شابه.

لا، ليس الموضوع كذلك. وللتوضيح، وباسلوب في غاية البساطة: هناك ساكنة مغلوب على امرها، عبر احتجازها في مخيمات، لا تتوفر فيها أدنى مستويات العيش البسيط، فبالاحرى العيش الكريم. ولذلك، فإن أي تململ للمحتجزين المغاربة الصحراويين، كيفما كان حجمه او كانت درجته، هو انتفاضة ضد الاحتجاز، الذي هو أساس المعاناة، بل المأساة المستمرة منذ ما ينيف على خمسين سنة. الحديث عن الانفلات الامني، ينزع عن مظاهرات مواطنينا بعدها التحرري، المنتفض ضد المرتزقة وداعميهم من جنرالات الجزائر. هل تحتاج ميدي 1 تيفي إلى دروس في كيفية صياغة الخبر باللغة العربية؟ وهل تحتاج إلى ان تكون مواطنة بالقدر الكافي، بحيث تقدم الخبر للمغاربة، كما هي الأحداث تجري على أرض الانتفاضة بمخيمات العار؟