كل شيء صار موضوع نزاع بين الجزائر والمغرب، قل شأنه ام عظم. حتى المقابلات الرياضية، التي من قيمها النبيلة التربية على الروح الرياضية الشريفة، حيث يكون الخاسر هنا والرابح هناك، حسب الاستعداد البدني- التاكتيكي والحضور الذهني، تضخمت اجواؤها المحيطة، الى حد ان صارت تحمل من معاني الحرب أكثر مما تحمل من معاني الرياضة.
ما يلاحظ في كأس أفريقيا للفتيان الجارية، هو انخراط الدولة الجزائرية، بمدنييها وعسكرييها، في “الحرب” على المغرب، خارج كل الحدود الرياضية المتعارف عليها. وإذ كان “الأشقاء” الجزائريون يوطنون النفس على استثمار المناسبة الكروية، من اجل تعبئة الشعب الجزائري ضد المغرب وفتيانه، لم يتوقعوا ان يخرج منتخبهم للفتيان من الباب الخلفي، وبخسارة ثلاثة في المرمى.
ليس من تعليق في الإعلام الجزائري، اليوم، الا كون فتيان المغرب لا يستحقون بلوغ ما بلغوه، بالمقارنة مع منتخبات أفريقية اخرى، مثل مالي. وإن صح ما قالوه، على سبيل المجاراة لا غير، فان وصول المنتخب المغربي للفتيان جاء نتيجة قراءة جيدة لإمكاناته الذاتية وإمكانات المنافسين. ولعل هذا هو ما جعل المغرب يفوز في نهاية المطاف.
اخر ورقة يلعبها العسكر الجزائري، للنيل من معنويات الفتيان المغاربة، تنظيم مقابلة في كرة القدم بين منتخب البوليزاريو ومولودية الجزائ. ومن غريب الصدف، او من مكرها، ان المغرب كان قد أجرى، إبان ثورة الاستقلال الجزائرية، مقابلة مع منتخب جبهة التحرير، ضدا على لوائح الفيفا، من اجل جزائر حرة مستقلة. هكذا، في عز الاستعداد للمقابلة الأخيرة ضد الشقيق السنيغالي، يخرج الأشقاء الشرقيون بهذه “البدعة”، متنكرين لكل الدعم الذي قدمه المغاربة إليهم. وعلى الرغم من المرارة، الذي قد تنتاب بعض المغاربة، الا ان ما اثلج الصدور، هو ان يأتي الرد من عشاق المولود انفسهم، رفضا لاقحام السياسة في الرياضة.