تشهد العلاقة السعودية- الايرانية بداية انفراجة كبرى، بعد التوقيع على اتفاقية إعادة الروابط الديبلوماسية بين الغريمين الإسلاميين التقليديين الكبيرين، اليوم، برعاية صينية حثيثة. وبالتأكيد، فستكون لتداعيات الاتفاقية نتائج أخرى ايجابية، على منطقة الشرق الاوسط، في ما يخص “حلحلة” ملفات عديدة، وفي أكثر من بلد (سوريا، لبنان، اليمن، إلخ).
ان اختيار السعودية تنويع شركائها وحلفائها الدوليين، و بخاصة الروس والصينيين، بعد الخذلان الأمريكي في ملفات عديدة، مثل الامتناع عن تسليحها، والتساهل مع انقلاب الحوثيين في اليمن، إضافة إلى تصريحات الرئيس بايدن غير الودية (من المنظور السعودي)، اتجاه ولي العهد محمد بن سلمان، بشأن قضية مقتل خاشقجي، كل ذلك جعل توقيع الاتفاقية واقعا ممكنا،في بكين، اليوم.
السعودية وإيران تحتاجان إلى ترتيب علاقات طبيعية، من شأنها ان تدفع باتجاه إيجاد حلول لأكثر من ملف شرق- اوسطي. وبالنسبة إلى السعودية، فالملف الأول، الذي يمس أمنها من قريب، هو المتصل بالمعضلة اليمنية، الناتجة عن سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء. اما بالنسبة إلى إيران، وفي ظل الحصار الخانق المضروب عليها، إضافة إلى التحرش الأمريكي- الإسرائيلي بها، بعد فشل محادثات جنيف النووية، فيمكن ان يجنبها تحالف قوى المنطقة ضدها، في أية ضربة عسكرية موجهة اليها، قد تستفيد منها حكومة نتانياهو اليمينية المتطرفة بالدرجة الأولى.
كما قلنا، إن الاتفاق السعودي- الإيراني، تحت الرعاية الصينية، سيكون بمثابة انقلاب في العلاقات الدولية بالمنطقة، لو صمد في وجه التحديات العديدة، التي تتربص به، بحكم التدخل الإيراني من جهة، والتدخل الإسرائيلي من جهة اخرى، في أكثر من ملف عربي.
السؤال، الآن، هو: هل سيكون للاتفاق تأثير على العلاقة المغربية- الجزائرية، بحكم قرب إيران من الجزائر، وقرب السعودية أكثر من المغرب؟ وبالمناسبة، فلطالما اشتكى المغرب من التدخل الإيراني في قضية وحدته الترابية، انحيازا إلى الجزائر في مناوءتها للحدود الترابية للمملكة. وبالتالي، هل ستاخذ الجزائر العبرة من العلاقة البراغماتية الجديدة بين السعودية وإيران، وهما الدولتان العدوتان لبعضها البعض، حتى وقت قريب، بحيث تقترب من المغرب، في تسوية المشاكل العالقة بينهما؟
على كل حال، إذا كان قد كتب للسعودية الفشل في القيام بوساطة بين الغريمين المغاربيين، جراء تعنت الجار الشرقي بحق جاره الغربي، فإن اتفاق اليوم بين الايرانيين والسعوديين من شأنه ان يشيع نوعا من الأجواء الإيجابية، على الأقل بين المغرب وايران، وذلك بالإمتناع عن دعم انفصاليي البوليزاريو.