يبدو السؤال، اي مجرد طرحه بالصيغة، اعلاه، مستفزاً. ان ينتظر المغرب من دولة احتلال واستيطان الاعتراف بجزء من ترابه، فيه تجاوز اخلاقي و سياسي على حد سواء. الاخلاقي يتمثل في عدم شرعية المحتل نفسه، حتى ينتظر المغاربة اعترافه بحق من حقوقه الترابية الأصيلة. اما السياسي، فيمكن إحالته إلى الثمن، الذي تريد اسرائيل ان يدفعه المغرب، مقابل الاعتراف بمغرببة الصحراء.
من وجهة نظر شخصية، لا اعتقد ان الثمن يقف عند حدود القرار الديبلوماسي المشترك، ممثلا في تبادل فتح السفارات. يبدو ان الثمن أكبر مما قد نتوقع، بالنظر إلى السياسة الإسرائيلية المشهود لها بالابتزاز، والتي لن يهدأ لمسؤوليها بال، حتى يساوموا المغاربة على القضايا العرببة والإسلامية الأكثر اجماعا لديهم، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة الكيان. هكذا، تلعب اسرائيل بورقة الصحراء المغربية. ومن الخطأ الجسيم، على جميع المستويات السياسية والأخلاقية، ربط التعاون المفتوح مع الكيان بمسألة الاعتراف. أقولها بصراحة: لن يجني المغرب من الاعتراف اي فائدة، ان لم يجن فقدان احترامه لنفسه. اما إذا أضفنا إلى الموضوع وجود حكومة اسرائيلية يمينية متطرفة، تلقى الرفض داخل اسرائيل نفسها، بحكم ما تنتهجه من سياسات بخلفيات دينية متشددة، فإن مجرد انتظار الاعتراف يشكل إهانة للبلاد والعباد معا.
لقد دخل المغرب على خط التطبيع، اضافة الى دول عربية اخرى، بتأثير من سياسات الرئيس ترامب في المنطقة. وقد كان المغرب يستهدف، من وراء التطبيع مع اسرائيل، على ما كان يبدو للعيان، في حينه، ضمان انخراط الولايات المتحدة الأمريكية في التأثير على مسار قضية الصحراء لصالح المغرب، بدفع دول أوروبية أخرى إلى الاتجاه ذاته من جهة، واستمرار الرباط في تبني المواقف عينها من تسوية القضية الفلسطينية، مثلما عبر عنها الملك محمد السادس للرئيس الفلسطيني في اتصال سالف به، من جهة ثانية.
هل نجح المغرب في المطلبين المذكورين معا؟ بالنسبة لقضية الصحراء، وباستثناء الاعتراف الامريكي بمغربيتها، فإن فتح قنصلية بالداخلة لم يحصل إلى اليوم. اما على صعيد العلاقة بإسرائيل، فإن الاكتفاء بفتح مكتب اتصال، دون ان يصل الأمر إلى فتح سفارة، يندرج في اطار عدم إحراق جميع الأوراق. وهل تقف مطالب اسرائيل عند مطلب فتح السفارة فقط؟
من المؤكد ان مباشرة العلاقة مع اسرائيل، وفي ظل حكومتها الدينية المتطرفة، سيضع المغرب أمام تحديات إقليمية واستراتيجية كبرى. وان لم يكن بد من قطع العلاقة مع دولة الكيان، فالحفاظ على درجة من الجمود أولى في هذه المرحلة، في انتظار بروز مؤشرات ايجابية، بخصوص مسلسل تسوية القضية الفلسطينية.
هل يشكل تلكؤ المغرب في تبادل فتح السفارات، معلقا بالاعتراف الإسرائيلي بمغرببة الصحراء، جزءاً من الحفاظ على الستاتيكو الحالي؟