كشف التقرير الاستخباراتي أن “تنامي دور المملكة في غرب ووسط إفريقيا ونجاحها المبهر بعد دخول الرأسمال الخليجي والخبرة الإسرائيلية في العديد من المشاريع المغربية على المستوى الإفريقي، خلق حالة من الانزعاج لدى أعداء المغرب”.
وأشار التقرير إلى أن “المغرب قدم لإفريقيا تجربته ومعرفته ونموذجه الاقتصادي الذي يتكيف جيدا مع السياق الإفريقي، على عكس فلسفة الربح الفاحش المتبعة من طرف فرنسا”، مضيفا أن “هذا الاستثمار على مستوى القارة من طرف الرباط تحت شعار رابح-رابح، جعل العديد من الحكومات في غرب ووسط إفريقيا تفضل الشراكة مع المملكة المغربية على حساب فرنسا”.
وأكد التقرير أن هذه “المصداقية الاقتصادية والسياسية التي تحظى بها الرباط على الصعيد الإفريقي جعلتها محط حنق بعض الأطراف الذين باتت تنافس مصالحهم بالقارة”.
وكشف تقرير أعده مكتب الاستخبارات والبحوث الأمريكي، المعروف اختصارا بـ”INR”، تفاصيل مؤامرة فرنسية جزائرية تهدف لمحاصرة المغرب وعزله على المستوى الإفريقي.
وتوقف التقرير الذي يحمل عنوان : “حليفنا التاريخي في منطقة شمال إفريقيا يحتاج لدعمنا العاجل”، عند تفاصيل المخطط الذي تم الاتفاق عليه خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في 28 غشت الماضي، من أجل ضرب مصالح المغرب في إفريقيا.
في هذا السياق، أكد المكتب في تقريره الذي صدر في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر الجاري، أن المخابرات الخارجية الفرنسية (DGSE)، ونظيرتها الجزائرية (DRS)، اتفقت خلال زيارة ماكرون الجزائر على التضييق على المملكة ومصالحها بالقارة السمراء.
استغلال عداء الجزائر للمغرب
كرد فعل منها، قامت فرنسا، حسب التقرير الاستخباراتي،
ب”تأسيس محور إستراتيجي مع دولة كانت من مستعمراتها القديمة، مستغلة العداء الذي تكنه هذه الدولة للمغرب منذ حرب الرمال سنة 1963 التي انهزم فيها الجيش الجزائري أمام نظيره المغربي”.
وإلى جانب ذلك، استغلت فرنسا، حسب التقرير نفسه، “امتعاظ الجزائر من المكاسب التي حققتها المملكة المغربية فيما يتعلق بملف الصحراء، خاصة بعد الاعتراف التاريخي لواشنطن بمغربية الصحراء”.
سجل تقرير مكتب الاستخبارات والبحوث الأمريكي أن المخابرات الفرنسية والجزائرية نظمت اجتماعات سرية لمدة ستة أشهر، كان الهدف منها هو العمل على تكوين جبهة مغاربية تحاصر المغرب على المستوى الإقليمي والإفريقي.
وخلصت هذه الاجتماعات إلى ضرورة استمالة كل من تونس وموريتانيا للجانب الجزائري مهما تطلب الأمر، ولهذا أعطت فرنسا للرئيس التونسي قيس سعيد صك أمان يتمثل في محافظة باريس على نظام حكمه مقابِل تغيير موقفه من قضية الصحراء.
وبالإضافة إلى ذلك، كشف التقرير أن الجزائر تعهدت أيضا بمد تونس بمساعدات مالية مقابل استقبال زعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية، كما قامت فرنسا بالضغط على موريتانيا لتنضم إلى هذا الحلف عبر تقديم وعود استثمارية لها وكذا إغراءات أخرى.
“حليفنا الإستراتيجي بحاجة إلى الدعم”
تضمن تقرير مكتب INR الأمريكي جملة من التوصيات، من ضمنها إقرار تدخل عاجل من طرف الولايات المتحدة لتقديم الدعم اللازم والعاجل لـ”حليفنا الإستراتيجي في الشمال الإفريقي وفك هذا الحصار الذي بدأت معالمه تتضح على أرض الواقع”.
ونبه التقرير إلى خطورة إضعاف المملكة، مشيرا إلى أن هذا الأمر ستكون تكلفته غالية على الأمن والاستقرار في منطقة الشمال الإفريقي.