نصر الدين بوشقيف: سيرة مبدع متعدد

بقلم: عبد الدين حمروش

يستمر الشاعر نصر الدين بوشقيف في نشر الأدب المغربي، من خلال دار النشر التي يشرف على إدارتها “Polyglotte”. وإن كان الشعر يأتي في الطليعة، إلا أن المنشورات ظلت تشمل المسرح، والنقد، والتأمل الفلسفي. وبالمناسبة، توصلت منه، في الآونة الأخيرة، بسبعة عناوين، أسردها كما صدرت بلغتها:
– Aphorismes, A. Benjelloun N- E. Bouchkif
– Maison de la folie, Tawfiq Fayad,
– De la philosophie à l’infini, N- E. Bouchkif,
– Enjamber l’ombre, N- E. Bouchkif,
– Il y’a des jours comme ça, N- E. Bouchkif,
– من منبع النهر،
– رهاب الحوار الحضاري، رشيد المومني.

وكما يظهر من العناوين المسرودة، فمن الكتب ما هو صادر باللغة الفرنسية، وما هو صادر باللغة العربية. وفي هذه الازدواجيه اللغوية، على مستوى الإصدارات، ومن باريس تحديدا، دلالة على الرسالة الحضارية، التي ظل يحملها الشاعر بوشقيف إزاء لغة أهل البلد (لغة الوطن).

من يتابع الناشر بوشقيف، عبر دار النشر التي يشرف عليها، سيتأكد له الدور الكبير الذي بات يضطلع به، خدمة للأدب والثقافة المغربيين المعاصرين. وإن كان من مفارقة، يمكن تسجيلها في هذا السياق، فهي صعوبة الحصول على منشورات الدار، باستثناء ما يتكلف بإرساله شخصيا إلى المهتمين بالأدب بالمغرب. ومن هنا، يمكن أن يتساءل المرء عن السبل الكفيلة بجعل المنشورات حاضرة بالمكتبات المغربية من جهة، وموجودة في المعارض الوطنية والجهوية، من جهة ثانية. لقد تعددت أجيال المغاربة بالمهاجر، وبخاصة الأوروبية، وبالتالي تعددت معها أجيال من الأدباء والكتاب. وفي ضوء هذه الملاحظة، لا يبدو أن من الموضوعي الحديث عن الأدب المغربي، والثقافة المغربية في مختلف تجلياتها الكتابية، دون استحضار الإنتاجات الصادرة بتلك المهاجر. ربط المغاربة بوطنهم، فعلا، ينبغي أن يكون متعدد الأطراف، أي بما ينفتح على استدماج كتاب المهاجر، سواء أكانت مؤلفاتهم بالعربية أم بغيرها. إن بوشقيف، وهو يقدم، ويترجم، وينشر، في سياق تعريفنا بكتابنا من المهاجرين، إنما يساهم في نشر الأدب المغربي بدول المهجر الفرنكوفونية، وتحديدا بفرنسا. وبذلك، ظلت الفرص متاحة لعدد من كتابنا في داخل الوطن ل “الهجرة” بمؤلفاتهم خارج المغرب، أملا عن أفق ثقافي جديد.

 

 

لقد تحدثنا عن بوشقيف الناشر دون المبدع. وفي الواقع، ليس يجوز الواحد دون الآخر، على أساس أن الانشغال بالكتابة يسير في خطين متوازيين: الإبداع والنشر. غير أن “بوشقيف” الشاعر، لا ينبغي أن ينسينا ” بوشقيف” المسرحي والتشكيلي. إن نصر الدين، مثقف متنور، وفنان متعدد المواهب. يعيش سحابة يومه مخلصا للأدب والفن. ومن هنا، يأتي تفسير كثرة إصداراته وأعماله التشكيلية. وحسبنا أن نقف عند إنتاجاته الشعرية المتعددة، التي توجها بإصدار الديوان الأول، تحت عنوان “من منبع النهر”، باللغة العربية. والمقصود بالديوان الأول الجزء الأول، على أساس أن الإصدار الحالي ضم، فقط، النصوص المكتوبة، بين 1972 و 1980، ما يبشر بإصدار أجزاء أخرى لاحقة. والملاحظ أن نصوص “من منبع النهر” مكتوبة في المغرب، وبالتحديد في وجدة، قبل أن تتالى دواوين أخرى لاحقة بالفرنسية، بعد الاستقرار في باريس. يقدم الأديب، والفنان، بوشقيف، إمكانية قراءة أعماله بأكثر من “مدخل”. وعلى الرغم من أن تلك الأعمال قد حظيت باهتمام نقاد مغاربة وأجانب، سواء في المغرب أم في فرنسا، إلا أنها تحتاج إلى قراءة متقصية، للاقتراب أكثر من مبدع متميز، ومن مثقف ملتزم بمختلف القضايا الإنسانية العادلة، وفي طليعتها قضيتنا فلسطين.