إذا أردنا أن نكمل العبارة، هناك إمكانية للعودة إلى ما تختزنه الذاكرة، واستدعاء واحدة مشابهة في السياق، مثل التي صرخ بها محمود درويش يوما: أنقذونا من هذا الحب.
هل هو حب ممحوض، فعلا، لشخص فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم؟ وهل هناك إجماع على هذا الحب للرجل؟ وما دوافع هذا الحب ومبرراته؟ باستثناء مؤاخذات “شعب الرجاء البيضاوي”، المتعلقة بتفاصيل بعض مجريات البطولة الوطنية، والتي بلغت حد الاتهام الصريح، يمكن القول إن هناك رضى عاما عن لقجع، جراء التتويج الذي تحقق لكرة القدم المغربية في أكثر من مناسبة، ومنها الوصول الى نصف كأس العالم بقطر.
كثيرا ما يتحدث الأشقاء العرب عن البنية الكروية المغربية الجيدة، التي ساهمت في تحقيق تلك الإنجازات، وفي صدارتها أكاديمية محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة. صحيح، كل ذلك أو بعض منه، مما يثار حول برامج تأهيل الكرة المغربية، مع استحضار كثير من الحظ، الذي رافق الرجل وهو على رأس الجامعة الملكية. هذا، كما ينبغي استحضار أن معظم لاعبي المنتخب المغربي، هم من المحترفين في فرق أوروبية، وليسوا نتاج البطولات الوطنية.
على كل حال، بات لقجع، الشخصية الوزارية في حكومة اخنوش، “بطلا وطنيا” في نظر كثيرين، بما يمثله من “قوة ضاربة” للمغرب في كرة القدم، على صعيد الإنجازات الكروية، وعلى صعيد التمثيلية في مكتبي الكاف والفيفا التنفيذيين.
الأمور، إلى هنا، جد عادية. الرجل يخطط، ويعمل، ثم ينجح، مع قدر من الحظ كما قلنا. إنه رجل دولة من الطراز الرفيع، أحيط بكل الامكانيات المادية والبشرية، من أجل بلوغ الأهداف المرجو تحقيقها في كرة القدم الوطنية.
ولكن الذي ليس عاديا بالمقابل، والذي يبالغ في رفع أسهم لقجع، هو وجود إعلام جزائري خارج السياق، لا يكف عن تعقب “كواليس” رئيس الجامعة الملكية المزعومة، وإلصاق كل فشل كروي في بلاد “المليون شهيد” بشخصه. والغريب أنه، منذ الآن، وحتى 2026، أخذنا نتابع إعلام الجارة الشرقية، وهو يتحدث عن مخططات لقجع، التي تستهدف الحؤول دون وصول منتخب بلادهم إلى كأس العالم المقبلة. ما هذه القدرة العجيبة، التي يجعلها إعلاميو جارتنا، ورواد وسائط تواصلها، ضمن خوارق لقجع ومعجزاته؟
من حيث لا تدري، تعمل السلطات الكروية والإعلامية، هناك بالجزائر، على استصغار نفسها أمام قوة ضاربة مفترضة لرئيس الجامعة الملكية. المثال، الذي يمكن الاستشهاد به، في هذا الصدد، نجده في عنوان لموقع “FENNEC” الجزائري هذا اليوم: “المخطط الميكيافيلي لفوزي لقجع يزلزل الجزائر”. هل مجرد رجل واحد بقادر على زلزلة بلاد بأكملها؟
إذا كان ذلك هو تصور الاشقاء (الناتج عن توهماتهم)، فإن لدينا -نحن ممن يتابعون بلوغ نجم لقجع الذروة- تصورا آخر مختلفا. فمع تقدير نجاحات الرجل، لا ينبغي ان يظل لقجع المسؤول الكروي المغربي الأوحد “على الشاشة”، وبخاصة إذا علمنا ان انه يشرف على أكثر من مهمة رسمية جسيمة. وبقدر ما نطالب بتكوين أجيال صاعدة، من مختلف فئات اللاعبين العمرية، لتمثيل كرة القدم المغربية، عبر الاستحقاق بالتناوب، لا يمكن الاطمئنان إلى وجود شخص اوحد على حلبة التسيير والتدبير الكرويين، درءا لكل ضمور بعد انتهاء مرحلة لقجع.
العمل المؤسسي، وفق آليات وبرامج ومخططات، وفي ظل التناوب على تحمل المسؤوليات، هو الكفيل باستدامة فرص النجاح. مهما علا نجم لقجع، فلابد ان يخبو يوما، كما هي سنن الحياة تجري وتدور، ان نجاحا او فشلا. ولعمري، اني لأكاد اسمع لقجع يصرخ: أنقذوني من هذا الحب القاسي، متمثلا قول الرسول الكريم: “يا أيها الناس، لا ترفعوني فوق قدري، فإن الله اتخذني عبدا قبل ان يتخذني نبيا”.