ادلى الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في حوار له مع الصحافي الفرنسي، بجريدة لوفيغارو، باجوبة عن قضايا عديدة، ذات بعد وطني واقليمي ودولي. قيل عن هذا الحوار بانه اجري “تحت الطلب”، برعاية من السلطات الفرنسية، حتى يكون ممهدا للقيام بزيارة رئاسية للجمهورية الفرنسية.
ما من شك في ان العلاقة الفرنسية- الجزائرية أخذت تشهد انتعاشة ملحوظة، ارتفعت وتيرتها منذ زيارة الرئيس امانويل ماكرون الى الجزائر، منذ اشهر.
وقبل التطرق الى ما خص المغرب، في حوار تبون مع لوفيغارو، يمكن البدء بالإشارة إلى ان كل ذلك التعنت الجزائري، الذي جاء عقب تصريحات ماكرون القاسية والمهينة، لتاريخ الجزائر وشعبها ونظامها ورئيسها، ذهب “ادراج الرياح”، بمجرد ان أعلن المستعمر القديم عن نيته زيارة مستعمرته القديمة. ما الذي أسفرت عنه تلك الزيارة للجزائريين بشكل استثنائي، غير توهم العسكر تغيير الخارجية الفرنسية موقفها من قضية الصحراء المغربية؟
في مقابل إعادة الجزائر العلاقة مع المستعمر القديم، الذي تربطها به ملفات شائكة، مازالت مفتوحة الجرح، الى اليوم، من قبيل ملف الذاكرة، ما فتئ نظام العسكر يغلق ابواب الحوار مع جاره، الذي كان عونا له في معركة الاستقلال من ذلك المستعمر القديم- الجديد نفسه؟
كل ما يمكن ان يعين على مناوءة المغرب، وتقوية الصراع معه، فمرحب به من قبل نظام العسكر. هذه هي القاعدة العامة في السياسة الخارجية للعسكر الجزائري، والتي يسوق بها لنظامه من جهة، ويضمن بها استمراريته من جهة ثانية.
في هذا الاطار، يبدو أمرا خطيرا ما ورد على لسان تبون في حواره المذكور، حين أجاب بان قطع العلاقة مع المغرب، مع ما ترتب عنها من إغلاق المجال الملاحي، كان بديلًا عن الحرب. للمتابع السياسي ان يتصور كيف يمكن ان تنشأ حرب بين جارين، لمجرد ادعاءات سخر العالم كله منها، على شاكلة الادعاء بإشعال الحرائق في منطقة القبائل. أليس العسكر يلعب بالحرب، لشعور متضخم بكونه”قوة ضاربة”، راكمت من الخردة الروسية الاطنان من السلاح، وما عليه الا ان يختبرها، ويفرغها في حرب مع المغرب؟
ان الزعم بقطع العلاقة، بديلًا عن الحرب، يحمل في طياته التهديد بالحرب. ماذا بعد قطع العلاقة، ونحن نتابع تصاعد العدوانية الجزائرية اتجاه كل ماهو مغربي، ومن قبل المسؤولين الرسميين، بمناسبة وغير مناسبة؟ أليس من المحتمل ان يجر مجرد تعكر في المزاج، لدى العسكر المستنفر، إلى إشعال حرب كبرى في المنطقة؟