تعاملت فرنسا بمنطق مخالف لكل الأعراف والتقاليد الراسخة في التعامل مع موجة التقارير التي حررت في مختلف بلدان العالم، حول الواقعة التي كشفت تنكر مسؤولي الجمهورية الخامسة لقيمها الكونية، وهي التقارير التي عابت عليهم أنهم أنفسهم أدوات طيعة في أيادي النظام العسكري الجزائري، بما جعل رئيسهم ينصاع لضغط جزائري بعد أن رفع نظام الـ”كابرانات” ورقة ضغط تمثلت في عدم استضافة “إليزابيث بورن” رئيسة الوزراء التي عينها “إيمانويل ماكرون” خلفا لـ”جان كاستيكس”.
وابتدعت السفارة الفرنسية في المغرب، بدعة جديدة في عالم الصحافة والإعلام، فبينما أوردت تقارير عالمية بأن “إيمانويل ماكرون” الرئيس الفرنسي، تدخل شخصيا لمنع “فرحات مهني” المعارض القبايلي للنظام العسكري الجزائري من المرور يوم الأحد الماضي على نشرة أخبار المساء عبر قناة “CNEWS”، تكلفت التمثيلية الدبلوماسية لفرنسا في المغرب بصياغة بيان تكذيبي لهكذا أنباء.
وبالفعل، إنها سابقة ومفارقة اقترفتها فرنسا، وهي تجعل من سفارتها في الرباط قناة لتصريف التكذيب الإعلامي، بدلا عن سفارتها في الجزائر حيث يتعين هناك الملايين من القبايليين الذين يمجدون “فرحات مهني” ويجعلون منه أيقونتهم في مسارهم النضالي ضد النظام القائم في الجارة الشرقية، بل إنهم يصفونه بـ”رئيس جمهورية القبايل”، فما الذي جعل فرنسا تتهور لتقترف هذه البدعة؟
وفي المفارقة ما يثير العجب، والكثير من التساؤلات التي رمت بالمسؤولين الفرنسيين إلى تدبيج بلاغ تكذيبي موجه للمغاربة، فهل يرون المملكة المغربية المعني، بقرار المنع الذي طال “فرحات مهني”، والحال كما يدري الجميع أنه أمر يتعلق بشأن بين فرنسا والجزائر حيث منطقة القبايل؟ أم إنهم يبررون لأنفسهم ما حدث ويسوغونه للمغاربة في إطار الإحاطة وهم الأعلم بمدى انتقائيتهم وانتقائية إعلامهم في التعامل بشأن القضايا التي تهم مستعمرتهم الجزائر وتلك الخاصة بالمملكة الشريفة، التي تسلط كل سهام إعلام فرنسا عليها ولا تبالي.