احتد نوع من النقاش، بين المغرب والجزائر، في الآونة الاخيرة، حول ملكية بعض الاثار الثقافية، الرمزية والمادية. وعلاوة على التنافس، في مجال مباريات كرة القدم، مع ما يثيره ذلك من تشنج، وصل حد التحشيد الشعبي، صرنا امام نوع اخر من التنافس الثقافي-الرمزي. والواقع انه قبل ان تحصل مبادرات وزارة الثقافة المغربية، المتعلقة بتسجيل الثرات الثقافي الوطني، في مختلف أشكاله وتعبيراته، لدى إلهيأة الاممية باليونسكو، كانت الوتيرة الإعلامية قد تصاعدت، في ما يخص ضرورة تحصين الهوية القومية للبلاد.
هل يعتبر هذا النقاش “صحيا”، وبخاصة مع جار لا تنقصنا معه المشاكل والنزاعات؟ باستثناء ان يتحول النقاش إلى نوع من الشوفينية، يمكن تناول الملكية الفكرية لشعب من الشعوب بشكل موضوعي، بما يحفظ له هويته وشخصيته. وبهذا الصدد، يمكن الإشارة إلى ذلك النقاش الذي جرى حول أصل “فريت” البطاطس: أهو إلى بلجيكا ام الى فرنسا؟ الوطن (او الأمة)، ليس مجرد حدود جغرافية، شعب، وعلم. أكبر منها جميعا، الوطن تاريخ، مع ما يحتويه من اثار ورموز ثقافية، تلحم تعاضده وتماسكه.
ومع اعتبارنا لكل ما يجمع بين البلدان المغاربية من قواسم مشتركة، قومية ودينية وثقافية، الا انه ينبغي الإعتراف بان لكل بلد هويته الثقافية، وشخصيته الحضارية. وما على كل واحد منها جميعا، بالطبع، الا ان يبحث في تاريخه الخاص، من اجل استجماع كنوز ثراته وتسجيلها. ذلك ان الطربوش المغربي ليس هو الطربوش التونسي، والطاجين المغربي، ايضا، ليس هو الشخشوخة الجزائرية، وهكذا دواليك.
وبالنسبة للجزائر، فإن لها اثارها، التي ينبغي ان تقف عند السيادة عليها، بدل ان تتجرأ على رموز غيرها بالسطو والتبني. هذا، مع العلم ان الجرأة على بلد عريق، مثل المغرب، المعروف بشخصيته الحضارية المتميزة، التي هيأها له تاريخ حافل من الاحداث والمنجزات، تعتبر من الأمور المنكرة، بل من الفضائح المجلجلة.
اضافة الى البعد المعنوي، في تقوية تماسك وحدة شعب ما، تشكل صيانة الآثار المادية والرمزية مكاسب مادية على الصعيد السياحي. ولذلك، يعد التعدي على ثرات الشعوب الأخرى بمثابة التعدي على حقوقها، بالنظر إلى ما تساهم به السياحة من مداخيل، في تنمية الدخل الوطني العام.
ما حصل للزليج الفاسي، باستعمال أشكاله الهندسية في بدلات الإحماء الخاصة بالفريق الوطني الجزائري لكرة القدم، يشكل مثالا واحدا لعمليات السطو المتكررة للجار الشرقي على حقوق جاره الغربي. الزليج لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، في عمليات السطو، مادام هناك إحساس فظيع باليتم الثقافي – الحضاري لدى الغير.