بقلم: زكية لعروسي
في لحظة مدهشة تحمل أبعادا تتجاوز حدود البروتوكول التقليدي، ارتدى وزير الخارجية الإيفواري، السيد ليون كاكو أدوم، الدرّاعة الصحراوية المغربية التقليدية خلال زيارته لمدينة العيون، على هامش انعقاد الدورة الخامسة للجنة الكبرى المشتركة للتعاون بين المغرب وكوت ديفوار. لم يكن هذا الارتداء مجرد لفتة عابرة أو مجاملة دبلوماسية، بل هو فعل مشحون بالرمزية والقوة، يفتح آفاقا جديدة لتأمل عمق العلاقات المغربية-الإيفوارية، ويبعث برسالة سياسية بليغة ومباشرة.
عندما اختار المسؤول الإيفواري ارتداء الدرّاعة البيضاء النقية، التي تمثل جزءا من التراث الحساني المغربي، لم يكن يعبّر فقط عن احترامه للثقافة المحلية، بل أعلن بشكل غير مباشر تأكيدا على اندماج كوت ديفوار في المسار التاريخي والسياسي الذي يقوده المغرب لترسيخ سيادته على أقاليمه الجنوبية. إنها رسالة دعم صريحة للمغرب في قضية الصحراء، تتجلى بوضوح في التفاصيل: اللون الأبيض رمز الصفاء، واللباس نفسه تجسيد للهوية الصحراوية التي تربط بين المغرب وعمقه الأفريقي.
إن هذا التصرف يتجاوز الإيماءات الشكلية ليصبح فعلا دبلوماسيا بامتياز. منذ أن فتحت كوت ديفوار قنصليتها العامة في العيون عام 2020، كانت دائما في طليعة الدول الإفريقية التي تتبنى موقفا واضحا وثابتا بشأن قضية الوحدة الترابية للمغرب. وها هو وزير خارجيتها، بارتدائه الدرّاعة، يعيد التأكيد على هذا الالتزام بأسلوب يمزج بين الدبلوماسية الصامتة والقوة الرمزية.
وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية المغربي، السيد ناصر بوريطة، إلى أن العلاقة بين المغرب وكوت ديفوار تتجاوز مجرد الشراكة إلى مستوى التحالف الاستراتيجي. هذا التحالف يُبنى على رؤية مشتركة لمستقبل إفريقيا: قارة مستقرة، ومتكاملة.
إن ارتداء الدرّاعة يعكس تماهيا مع رؤية الملك محمد السادس لتعزيز الروابط بين المغرب وعمقه الإفريقي. فالصحراء المغربية ليست مجرد جغرافيا، بل هي حلقة وصل ثقافية وسياسية واقتصادية بين المملكة وبقية القارة.
بهذا التصرف البسيط، الذي يختزل في طياته أبعادا عميقة، يُظهر وزير الخارجية الإيفواري أن الدبلوماسية الحقيقية لا تُبنى فقط بالكلمات، بل أيضا بالأفعال التي تُقرأ بعناية وتحمل رسائل واضحة. إنها لحظة تُعيد التأكيد على أن التحالف بين المغرب وكوت ديفوار ليس مجرد تحالف ظرفي، بل هو شراكة استراتيجية مبنية على الاحترام المتبادل والرؤية المشتركة.
في عالم السياسة، حيث تكون الرموز ذات أهمية قصوى، يبرز ارتداء الدرّاعة الصحراوية كفعل بليغ لا يحتاج إلى تفسير. إنها لحظة تتجاوز الصورة لتصبح رسالة سياسية وثقافية قوية، تعكس واقعا جديدا لعلاقات مغربية-إيفوارية متجذرة في التاريخ، وممتدة نحو مستقبل مشترك لقارة إفريقية موحدة ومزدهرة.