الرّيح (بقلم الشاعر محمد بوجبيري)

تَسَاءَلَتِ الرّيحُ:   

لِمَاذا خُلِقْتُ لا مَرْئِيَّةً؟

يَرى الْخَلْقُ حَرَكاتي وَأَفْعالي،

وَ لا يَرَوْنَني.

أَسْتَكْثَرَتِ السَّماءُ عَلَيَّ،

كَالْعالَمينَ،

جَسَدًا؟

أُريدُ أَنْ أَرى في الْمِرْآة وَجْهًا لي لا يَشيخُ.

أَنْ أَسْمَعَ لُهاثَ رِئاتي،

وَأَنا أَلُفُّ الْعالَم،

أَنْ أَسْمَعَ مَدائِحَ الْبَحّارَةِ في أَعالي المْحيط،

وَأَناشيدَ الْعائِدينَ مِنَ الْحُروب.

أَنْ أَسْمَعَ زَغاريدَ الْعَذارى في الْحُقول،

وَأَغاني الرُّعاة.

أَنْ يَكونَ لي،

كَكُلِّ ما يَطيرُ،

ريشٌ وَجَناح.

أَجابَ صَوْتٌ مِنْ وَراءِ السَّحابِ:

لَوْ،

أَيَّتُها الرّيحُ،

كُنْتِ كُتْلَةً مَرْئِيَّةً لَكَنَسْتِ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ كُلَّ الْكائِناتِ.

الْأُقْيانوسُ الْأَعْظَمُ،

بِكُلِّ ثِقْلِ الْبِحارِ،

تَخُضّينَهُ كَما يُخَضُّ الّلبَنُ في الشَّكَوات،

فَكَيْفَ،

يا ريحُ،

بِهَشِّ الْخَلْقِ مِنْ نَباتٍ وَحَيَوانٍ وَإِنْسان؟