“المواقف المبدئية” للدبلوماسية الجزائرية، بين وهم المواقف وحقيقة الأمر (بقلم ذ. عبد السميح الورياغلي)

في إطار النفاق السياسي الذي تمارسه الجزائر في كل القضايا الدولية بشكل جعلها تفقد مصداقيتها، ذكرت قصاصات الأنباء ان المدير العام للجمارك الجزائرية، نور الدين خالدي، انسحب من الاجتماع الإقليمي الـ55 لمدراء الجمارك لمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط (MENA)، بسبب اعتماد خريطة تضم الصحراء المغربية.

وفي بيان لها، أعادت المديرية العامة للجمارك بالجزائر اجترار تُرّهات العقيدة الدبلوماسية للبلد الجار التي تصب بشكل أحادي وبهوس غير طبيعي في اتجاه معاكسة الوحدة الترابية للمملكة المغربية، موضحة أنه بمجرد عرض تقارير المكاتب الإقليمية لتبادل المعلومات الاستعلاماتية لعام 2021، سجل المدير العام للجمارك تدخلا رسميا، عبر من خلاله عن الاحتجاج الرسمي والرفض القاطع للوفد الجزائري لمحتوى العرض المدرج من طرف المكتب الجهوي للاتصال المكلف بالاستعلامات لشمال افريقيا، الكائن مقره بالمغرب، لافتة إلى أن هاته التقارير تضمنت ما تعتبره خرائط غير شرعية تضم الصحراء إلى المملكة المغربية.

أولا وفيما يخص هذا الموقف فأبلغُ جواب هو ما صرح به رئيس الدبلوماسية المغربية السيد ناصر بوريطة مؤخرا لإحدى القنوات الأجنبية حين قال فيما معناه أنه لم يعد يعير أي اهتمام لما يتفوه به الجانب الجزائري لأن الامر حين يبلغ مدى بعيدا من المبالغة في المغالطات يصبح تافها وغير جدير بالمتابعة وبترتيب النتائج! في هذا السياق، من نافلة القول أن موقف الجزائر لا يجد له أي صدى لا في منطقة إفريقيا والشرق الاوسط ولا لدى جامعة الدول العربية ولا لدى منظمة التعاون الإسلامي ولا حتى لدى الأمم المتحدة.

على صعيد آخر وكما تعلمون، ففي جعبة الأمثال الشعبية المغربية ما قد ينسحب أيضا على عالم السياسة. أجدُ اكثر هاته الأمثلة حكمة: “اجعل الكاذب ينسى ما تفوه به ثم اسأله عنه”. وهو ما ينطبق بشكل مباشر على ضبابية مواقف الجزائر.

 

 

آخر هاته المواقف، المقرونة بالاخبار الكاذبة، ما تشدقت به الدبلوماسية الجزائرية حين ادّعت انها استطاعت الحصول على طرد إسرائيل كعضو ملاحظ بالاتحاد الافريقي. لم يتأخر الرد كثيرا فطلعت علينا الناطقة باسم مفوضية الاتحاد الافريقي بتغريدة مُهينة لوزارة رمطان لعمامرة حيث وفرت على نفسها الجهد والوقت وكذّبته في كلمة واحدة قائلة : “غير صحيح”.

 

 

هذا يقودنا إلى الحديث عن الأوهام التي تبيعها الجزائر بشأن دعمها المزعوم للقضية الفلسطينية. فلو كانت الجزائر بالفعل تملك موقفا مبدئيا مما تسميه بالكيان فلماذا إذا شاركت بوفد يترأسه الجنرال شريف زرّاد في اجتماع للناتو في نونبر 2008 جنبا الى جنب مع إسرائيل التي كانت ممثلة بالجنرال غابرييل آشكينازي؟ بل واقتسمت مع إسرائيل نفس الطاولة؟ وفي زمن غير بعيد، لماذا شاركت الجزائر في 2017 في أشغال الطبعة الثانية للمنتدى الإقليمي للاتحاد من اجل المتوسط الذي احتضنته برشلونة يومي 23 و 24 يناير، وذلك بوفد قاده الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية حسان رابحي، علما أن إسرائيل عضو كامل العضوية بالاتحاد من اجل المتوسط؟

 

 

إن ما يمكن أن نستنتجه من هاته المناورات هو ان الدبلوماسية الجزائرية ليست فقط لا تعير أي اهتمام صادق للقضية الفلسطينية بل تُدنّس هاته القضية وتستعملها فقط كورقة لمعاكسة المغرب في وحدته الترابية ليس إلا. واستنتاج الاستنتاج هو أن الجزائر تعيد التأكيد على حقيقة الأمر، ذلك أنها الطرف الحقيقي في قضية الصحراء المغربية المفتعلة.