هكذا توظف الجزائر مؤتمر “المصالحة الفلسطينية” لمهاجمة المغرب

أكدت صحيفة العرب التي تصدر في لندن وتوزع في الدول العربية والأوروبية، في مقال نشرته يومه الأربعاء، أن هدف الجزائر من عقد مؤتمر”المصالحة” الفلسطينية هو توظيفه كورقة لمهاجمة المغرب واتهامه بالتطبيع.

الكوليماتور تعيد نشر المقال فيما يلي:

 

تستمر المشاورات الثنائية بين الجزائر والفصائل الفلسطينية من أجل التوصل إلى مصالحة بين الأطراف المتنازعة والخروج باتفاق لإنهاء حالة الانقسام، وسط تكتم شديد؛ إذ لم يصدر أي تصريح أو تعليق من طرف المفاوضين الجزائريين، غير أن بوادر فشل هذا المسعى لاحت في الأفق، بحسب الأصداء الواردة من بعض قيادات الفصائل الفلسطينية، ما يضع الوساطة الجزائرية الغامضة في مأزق.

وتجري الجزائر مشاورات مع كل فصيل على حدة للاطلاع على موقف كل طرف من وساطتها والرؤية التي يتبنّاها حيال هذه الوساطة. وكان وفد حركة فتح أول الواصلين إلى الجزائر، بينما حلت هذا الأسبوع قيادات من حركة حماس قادمة من الدوحة.

وراهنت القيادة السياسية في الجزائر على مبادرة الحوار الفلسطيني على أراضيها من أجل تحقيق مكاسب دبلوماسية لإثبات دورها في المجموعة العربية، غير أن جمود الوضع إلى حد الآن يُحرج دبلوماسيتها إحراجا شديدا أمام الرأي العام العربي والمحلي، لكونها لم توفق في تحقيق المبتغى الذي كانت ترى أنه يمكن أن يوفر أرضية مهمة لإنجاح القمة العربية على أرضها.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة على جلسات الحوار إن السلطات الجزائرية لم تقدم أي مبادرة سياسية إلى الفصائل تفضي -بعد مناقشتها- إلى المصالحة، وإن دورها اقتصر على حث القيادات الحاضرة على تغليب المصلحة الوطنية الفلسطينية والتحذير من مخاطر الانقسام على القضية الفلسطينية.

وأشارت هذه المصادر إلى أن الوسطاء الجزائريين ركزوا في حديثهم على تذكير القيادات الحاضرة بما سموه فضل الجزائر على القضية الفلسطينية ونصرتها، حاثين على التوصل إلى بيان مشترك في نهاية هذا الحوار يدين التطبيع مع إسرائيل ويهاجم دولا بعينها بسبب علاقتها بتل أبيب، في إشارة مباشرة إلى المغرب دون سواه من الدول التي تقيم علاقات مع تل أبيب.

ولفتت المصادر ذاتها إلى أن الوفود الحاضرة تَبَيَّن لها بشكل واضح أن الهدف من عقد المؤتمر هو توظيفه كورقة بيد الجزائر لمهاجمة المغرب باستعادة الشعارات القديمة المتعلقة بدعم القضية الفلسطينية واتهامه بالتطبيع.

واصطدمت الجزائر، التي أعلنت عن مبادرة الحوار الفلسطيني – الفلسطيني على أراضيها بمناسبة الزيارة التي قام بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بتصلب مواقف الأطراف المشاركة حول المخرج الذي ينهي حالة الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتنظيم انتخابات في الضفة والقطاع.

وصرح الناطق باسم حركة فتح أسامة القواسمي بأن “الخطوة الأولى يجب أن تبدأ من حركة حماس، وإننا نريد أن نشكل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على توحيد مؤسسات السلطة ليتسنى لنا بعد ذلك الذهاب إلى انعقاد مجلس مركزي والذهاب إلى منظمة التحرير”.

أما المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم فذكر أن “حماس تحمل إلى حوارات الجزائر الهامة رؤية متكاملة وشاملة للخروج من واقع الانقسام وإعادة بناء نظام سياسي متكامل وحديث، مبني على التعددية ضمن الأطر الديمقراطية، أي عبر الانتخابات، على أن تكون هناك قيادة وطنية تدير الحالة الفلسطينية وتواجه ما تمر به مجمل القضية إلى حين إتمام ترتيب البيت الفلسطيني بالكامل”.

وكانت الجزائر قد قدمت إلى السلطات المصرية تطمينات على لسان وزير خارجيتها رمطان لعمامرة، بعدم تجاوز الدور المصري في الملف الفلسطيني، وأن المبادرة هي جهد ينضاف إلى الجهود العربية، وذلك في أعقاب بروز تساؤلات عن جدوى المساعي المشتتة ومدى تأثير الجزائر على الأطراف الفلسطينية.

وكان مصدر فلسطيني قد وصف شروط الأطراف الفلسطينية المشاركة في حوار الجزائر بـ”التعجيزية”، وهو أمر يهدد المبادرة الجزائرية بـ”الانهيار”، بسبب الفوارق الشاسعة التي تسم الرؤى والتصورات المطروحة للخروج من حالة الانقسام.

وفضل الدبلوماسيون الجزائريون الالتقاء بوفود الفصائل بشكل منفصل بعد وصولها تباعًا إلى العاصمة الجزائرية، لكن الشروط المتشددة التي تشترطها بعض الأطراف تهدد بنسف المسعى؛ إذ طرح البعض مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بشروط الرباعية، والبعض الآخر اشترط إجراء انتخابات عامة وشاملة -بما في ذلك الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني- وإعادة تشكيل منظمة التحرير بشكل متزامن والالتزام باتفاقيات وُقعت سابقا.

وتحدثت تقارير فلسطينية عن أن “القيادة الجزائرية وبعض وفود الفصائل -التي تعتبر أنها غير منخرطة بشكل مباشر في حالة الانقسام أو جزء منه- تشعران بأن المحادثات انهارت قبل أن تبدأ، وأن الشعور السائد حاليا هو أن التوصل إلى رؤية جامعة تلتزم بها الفصائل -وخاصة فتح وحماس- مجرد ضرب من الخيال، وأن هناك مخاوف حقيقية من عدم تمكن الجزائر من عقد الندوة الجامعة حتى ولو كان بعد القمة العربية”.

ويبدو أن الحوار الفلسطيني – الفلسطيني وضع الجزائر في مأزق حقيقي، فإلى جانب الصعوبات التي تعتري انعقاد القمة العربية على أراضيها تواجه صعوبات مفاجئة في الحوار، مما قد يتحول إلى نكسة دبلوماسية هي في منأى عنها، خاصة في ظل الوضع السائد مغاربيًّا وإقليميًّا.