في فترة سابقة من تاريخ المغرب، كان هناك نقص كبير في المؤسسات التي بإمكانها استقبال كل أنواع الفنون. تم التفكير وبشكل تلقائي في إيجاد حل لهاته المعضلة على أنها الحل النهائي للمعادلة الثقافية المغربية. لكن ماحدث هو أن القائمين على الشأن الثقافي لم يدركوا ان قراءتهم لهاته الإشكالية أغفلت منظومة أساسية ترتبط بالعاملين في هذا القطاع الثقافي. إذ لا يكفي أن نبني مرفقا ثقافيا سواء كان مركبا ثقافيا أو مسرحا ، دون بناء مؤسسة قائمة من الأفراد الذين سيمثلون في مابعد روح هذا المكان. كيف يعقل ان لا نهتم بمهن الثقافة التي بإمكانها ان تخلق لنا أجيال من المسيرين الثقافيين والذين بامكانهم تسيير المؤسسات الثقافية لضمان برمجة دائمة داخل المركبات الثقافية والمسارح. كما يمكن لهؤلاء ان يقدموا برنامجا سنويا للتكوين في مجلات الفنون بالنسبة للشباب وخلق جسور الحوار واللقاء بين الفنانين والجمهور.
لكن وكما يقال يبقى المال هو عصب الحرب والعمل الثقافي هو معركة مستمرة من أجل خلق أجيال لها حس جمالي وثقافي ونظرة مسالمة للعالم. لكن في غياب دعم مالي سنوي من طرف المؤسسات المعنية بذلك؛تصبح مهمة خلق أنشطة ثقافية صعبة للغاية خاصة وأن المسيرين الثقافيين ان لم تكن لهم دراية في التسويق والبحث عن تمويل لبعض المشاريع الثقافية من طرف مؤسسات خاصة والتوصل إلى بعض الشراكات داخل وخارج البلد. فإن البنيات التحتية ستظل في وضع بنايات فارغة.
لذا فنحن ملزمين ببناء سياسة ثقافية تأخد بعين الاعتبار أن للجانب الثقافي له أهميته الكبرى في تخصيص حصة مالية له في كل المؤسسات العمومية والخاصة . تكوين الاطر التي يمكنها تقديم تسيير عقلاني للعمل الثقافي. هذا المنتوج الثقافي لابد له من جمهور وهذا الجمهور لا يمكن ان يتأتى إلا عبر التحسيس الفني الذي يوجه إلى الناشئة.
نخلص إذن إلى أن العمل الثقافي هو صناعة وليست عملا يرتكز على الهواية. لابد أن نعطيه نفس الأولية التي تحظى بها كل الميادين الأخرى في حياة أمة بأكملها.