
تعد الصناعات الثقافية والإبداعية رافعة أساسية للتنمية المستدامة، ومحركًا قويًا للاقتصاد الثقافي، خاصة في الجهات ذات الزخم التاريخي والحضاري مثل جهة الشرق. وفي هذا السياق، احتضنت مدينة وجدة فعاليات الدورة الرابعة عشرة من المهرجان الدولي المغاربي للفيلم، حيث شكّل هذا الحدث منصة مهمة للنقاش وتبادل الآراء حول واقع ومستقبل السينما في المنطقة، بمشاركة نخبة من الفاعلين في مجالات الثقافة والفن والإعلام.
عرفت المائدة المستديرة المنظمة ضمن فعاليات المهرجان نقاشًا حيويًا بين اللجنة المسيرة والحضور، حيث تم تسليط الضوء على واقع الصناعات السينمائية بجهة الشرق، والتحديات التي تواجه الفاعلين الثقافيين، من ضعف البنيات التحتية المخصصة للعرض والإنتاج، إلى محدودية التمويل وغياب استراتيجيات جهوية مستدامة لدعم هذه الصناعات.
رغم هذه الإكراهات، أبان النقاش عن وعي جماعي بأهمية استثمار الرأسمال الثقافي والإبداعي الذي تزخر به الجهة، من تراث غير مادي، وطاقات شبابية واعدة، ومواقع تصوير طبيعية وتاريخية متميزة.
وقد خلص اللقاء إلى جملة من التوصيات الهادفة إلى إرساء أسس متينة لصناعة سينمائية محلية متكاملة، من خلال تعزيز التكوين، ودعم الإنتاج، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وقد ساهم الحضور الوازن للمثقفين والفنانين والإعلاميين في إثراء النقاش، مما أضفى عليه طابعًا جديًا وتفاعليًا، عكس الرغبة المشتركة في النهوض بالفعل الثقافي بالجهة الشرقية وجعله رافدًا من روافد التنمية الجهوية.
يشكل المهرجان الدولي المغاربي للفيلم بوجدة، في نسخته الرابعة عشرة، فرصة سانحة لتثمين الرصيد الثقافي للجهة الشرقية، وفضاءً لتقوية جسور التعاون بين مختلف المتدخلين في المجال السينمائي.
وإذا كانت التوصيات المنبثقة عن اللقاء قد حملت آمالًا جديدة للنهوض بالصناعات الثقافية والإبداعية، فإن التحدي الحقيقي يظل في تفعيل هذه المقترحات على أرض الواقع، وفق رؤية شمولية تضع الثقافة في صلب التنمية المحلية، وتمنح السينما دورها الكامل كأداة للتعبير، والتنوير، والإشعاع المجالي.






