كتاب الرأيمجتمع

الهشاشة النفسية… بوابة نحو القوة الداخلية

بقلم : حنان الأسمر

بقلم : حنان الأسمر

هل شعرت يومًا بالضعف أو العزلة هل اجتاحك إحساس بأنك “أضعف” من أن تواجه الحياة لا تقلق… فأنت لست وحدك. والهشاشة النفسية ليست عيبًا، بل تجربة إنسانية عميقة تستحق الإصغاء والفهم.

ما هي الهشاشة النفسية؟

الهشاشة النفسية هي حالة من الحساسية الزائدة تجاه المشاعر والمواقف، تجعل الفرد أكثر تأثرًا بالتجارب اليومية. قد يتحول تعليق بسيط إلى جرح عميق، أو موقف عابر إلى أزمة داخلية يصعب تجاوزها.

لكن هذه الحالة لا تعني أنك شخص ضعيف أو غير ناضج. على العكس، إنها دعوة خفية للاهتمام بنفسك، لفهم ما يؤلمك، ولرعاية أجزاء منك ظلت صامتة لسنوات.

ليست ضعفًا… بل إنذار عاطفي

كما أن الجسد يبعث بالألم حين يمرض، فإن النفس تبعث بالهشاشة حين تجهد وتتألم. الهشاشة ليست ضعفًا، بل إنذار يقول: “توقّف، أنصت إليّ، أنا بحاجة للحنان لا للمقاومة”. هي تذكير بأننا بشر، وأن طلب المساعدة، أو الشعور بالتعب، أو الحاجة إلى احتضان عاطفي… هو جزء طبيعي من الحياة.

علامات الهشاشة النفسية

قد لا نلاحظها في البداية، لكن تظهر من خلال بعض السلوكيات والمشاعر، منها:

تضخيم المشكلات الصغيرة وكأنها أزمات وجودية.

الشعور المستمر بالإرهاق والتوتر.

تأنيب الذات بشكل مفرط حتى على أشياء لا تخصنا.

التردد، الحيرة، فقدان الحماس والشغف.

ردود فعل مبالغ فيها تجاه كلمات أو مواقف بسيطة.

أسبابها المتجذرة في الطفولة والتجارب

غالبًا ما تكون الهشاشة النفسية نتيجة تراكمات قديمة، من طفولة افتقرت للأمان العاطفي، أو تجارب خذلان، أو علاقات سامة، أو بيئة لم تسمح لك بأن تكون “ضعيفًا” ولو للحظة. فتصبح الكلمة الجارحة أكثر إيلامًا، ويغدو الصمت أحيانًا أكثر قسوة من الكلام.

الهشاشة ليست نهاية الطريق، بل بدايته

نعم، الهشاشة تؤلم، لكنها ليست عدوًا. إنها بوابة نحو بناء الذات بصدق. فحين تعترف بها وتفهمها، تبدأ خطواتك نحو المرونة النفسية، تلك القدرة التي تُمكّنك من النهوض بعد كل كبوة، والتعلّم من كل جرح، والعودة إلى الحياة بخفة أكبر.

كيف نتعامل مع هشاشتنا النفسية؟

1. تقبّل مشاعرك: لا تنكرها، لا تحكم عليها. فقط اعترف بها وكن صادقًا مع نفسك.

2. عزّز مرونتك الداخلية: مارس التأمل، اكتب، تحدّث مع من يفهمك دون أن يحكم عليك.

3. اعمل على احترامك لذاتك: تذكّر أنك تستحق الدعم والحب حتى في أسوأ حالاتك.

4. توقف عن جلد نفسك: الخطأ لا يعني أنك سيئ، بل أنك تتعلّم.

5. تجنّب فخ المقارنات: لكلّ شخص رحلته الخاصة، فلا تزن نفسك بميزان غيرك.

6. امنح نفسك وقتًا: الشفاء لا يحدث في يوم، بل عبر تراكم خطوات صغيرة.

في الختام… قوتك لا تعني غياب الألم القوة لا تعني أن تبقى صلبًا دائمًا، بل أن تمنح نفسك الحق في أن تشعر، وفي الوقت ذاته تعرف كيف تتجاوز، كيف تعود، وكيف تبني ذاتك من جديد.

لا تدع كلمة عابرة تعصف باستقرارك النفسي. اجعلها تمر كما يمر النسيم، خفيفة، دون أن تترك أثرًا.

واشتغل على نفسك لا لتصبح صلبًا لا يُكسر، بل لتصبح إنسانًا يشعر بالشكل الصحيح، ويعيش الحياة بوعي ومرونة. ولا تنسَ… لا تسأل نفسك ماذا يحتاج العالم، بل اسأل: ما الذي ينعش روحي؟ ثم قم به… لأن العالم يحتاج إلى أولئك الذين يتنفسون الحياة حقًا.

زر الذهاب إلى الأعلى
Soyez le premier à lire nos articles en activant les notifications ! Activer Non Merci