
في اليوم الختامي من الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بمدينة الحسيمة، كان الجمهور على موعد مع لحظة استثنائية تضاف إلى مسيرة الفن المغربي، حيث تم تكريم الفنان الكبير عز العرب الكغاط، الذي يمتد عطاؤه الفني لأكثر من خمسين عامًا من الإبداع والتميّز.
يُعد عز العرب الكغاط واحدًا من أبرز وجوه الفن المغربي، فقد بدأ مسيرته الفنية في السبعينات، وكان له حضور قوي في المسرح والسينما والتلفزيون. لم يكن فقط ممثلاً بارعًا، بل كان أيضًا مبدعًا في تقديم أدوارٍ متنوعة أظهرت قدراته الفنية الكبيرة. من خلال مشاركته في مجموعة واسعة من الأعمال، استطاع أن يترك بصمة واضحة في الذائقة الفنية المغربية والعربية.
لقد برع الكغاط في تقديم أدوار مختلفة، من الكوميديا إلى التراجيديا، حيث استطاع أن يتنقل بين الأنماط المختلفة بكل براعة. وقد كانت مشاركاته في المسرح منذ بداية مشواره الفني شاهدة على قدرته على التأثير والتفاعل مع الجمهور، خاصة في مسرحياته الشهيرة مثل “ضحية الواجب” و”وليلي”.
كان تكريم عز العرب الكغاط في مهرجان الحسيمة هذا العام بمثابة اعتراف رسمي بما قدمه هذا الفنان الكبير خلال مسيرته. وعلى الرغم من كثرة الجوائز والتكريمات التي حصل عليها طوال سنوات مسيرته، فإن التكريم في هذا المهرجان كان له طعم خاص، حيث جاء في مناسبة مميزة مثل هذه، التي تحتفل بالفن السينمائي والثقافة المغربية بشكل عام.
وقد عبر الفنان الكغاط عن شكره وامتنانه للجنة المهرجان والجمهور على هذا التكريم الذي وصفه بأنه بمثابة شهادة تقدير لكل لحظة من لحظات عمله الفني، وذكر أنه لا يزال يحتفظ بذكريات جميلة عن أولى خطواته في هذا المجال، التي شكلت نقطة انطلاقه نحو النجومية.
عند الحديث عن عز العرب الكغاط، لا يمكن تجاهل تاريخ طويل من العطاء والإبداع الفني، فقد استطاع هذا الفنان، طيلة خمسين عامًا، أن يكون أحد الركائز الأساسية في تطور الفن المغربي.
من خلال أدواره في السينما، تمكن الكغاط من تقديم العديد من الأعمال التي حازت إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، منها “كابوس” (1982)، و”همسات” (2000)، إضافة إلى مشاركته في مسلسلات تلفزيونية ناجحة مثل “سيف الظلام” و”الغريب”.
لكن المسيرة لا تقتصر فقط على الفن السابع، بل امتدت لتشمل أيضًا الكتابة المسرحية والإخراج، مما يعكس عمق معرفته بالفن وقدرته على التجديد والتطوير. لم يكن مجرد فنان يؤدي أدوارًا، بل كان جزءًا من صناعة الفن نفسه في المغرب، يسهم في تنشيط الساحة الثقافية في مختلف الميادين.
رغم تقدمه في العمر، لا يزال عز العرب الكغاط حاضرًا في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية. في السنوات الأخيرة، قدم بعض الأعمال التي استقطبت الأنظار وأثبتت أن الإبداع لا يتوقف، بل يستمر في العطاء حتى في أوقات متقدمة من العمر. وكان آخر أعماله فيلم “صمت الموسيقى” للمخرج سعد الشرايبي، الذي نال إعجاب الجمهور والعديد من النقاد.
كما لا يمكن تجاهل تأثيره الكبير على الجيل الجديد من الفنانين والممثلين في المغرب. فقد ظل الكغاط مصدر إلهام للكثير منهم، خاصة أولئك الذين يتطلعون إلى بناء مسيرتهم الفنية على أسس من الالتزام والاحترافية.
تكريم عز العرب الكغاط في مهرجان الحسيمة هو تكريم للفن المغربي بكافة أشكاله، ولمسيرته الفنية التي كانت مليئة بالعطاء والتحديات. هو تذكير بأهمية الحفاظ على التراث الفني والثقافي المغربي، والتقدير للجهود الكبيرة التي بذلها هذا الفنان الكبير. وخلال خمسين عامًا من العطاء، استطاع عز العرب الكغاط أن يثبت نفسه كأحد أعمدة الفن في المغرب، ويبقى اسمه محفورًا في ذاكرة الفن المغربي المعاصر.