
بقلم: زكية لعروسي
لم تعد جبهة البوليساريو مجرد حركة انفصالية تسعى لتقويض وحدة المغرب الترابية، بل وفقاً لتقرير حديث صادر عن معهد هدسون، أصبحت أداة إيرانية تدار من خلف الستار، تماما كما تدار الدمى على مسرح صامت. يشير التقرير إلى أن طهران باتت تستخدم البوليساريو كـ”وكيل استراتيجي” في شمال إفريقيا، إلى جانب ميليشياتها الأخرى مثل “حزب الله” و”حماس”، لتحقيق أهدافها التخريبية في العالم العربي.
وكما يقول المثل الشعبي: “سير سير، هكا كنت ندير”. إيران تكرر لعبتها القديمة، تغيّر الوجوه وتعيد نفس السيناريو: تسليح، تدريب، اختراق إعلامي ودبلوماسي، ثم إشعال الفوضى. اليوم في المغرب، وغدا في مكان آخر:
“But it functions as a destabilizing militia—smuggling arms, indoctrinating young Moroccans and Sahrawis, and aligning itself with the strategic agendas of Iran, Russia, and China
“لكنها تعمل كميليشيا مزعزعة للاستقرار — حيث تقوم بتهريب الأسلحة، وتلقين الشباب المغاربة والصحراويين، وفقا للأجندات الاستراتيجية لإيران وروسيا والصين.”
هذا الاقتباس يكشف عن تحول البوليساريو من حركة تدّعي النضال إلى أداة في خدمة محاور دولية تسعى لتفكيك المنطقة المغاربية. لا يقتصر نشاطها على العمل السياسي، بل يتعداه إلى التهريب العسكري والتأطير العقائدي، مما يحوّلها إلى تهديد أمني متكامل الأركان.
تقرير معهد هدسون يحذر من أن الدعم الإيراني للبوليساريو يتجاوز الشعارات، ويشمل علاقات مباشرة مع “حزب الله”، حيث زُوّدت الجبهة بخبرات عسكرية وأسلحة متطورة. كل ذلك في إطار استراتيجية إيرانية توسعية تسعى إلى بناء جبهات متقدمة في خاصرة العالم العربي والإسلامي:
“To move toward long-term stability in the region, the United States should take the next step and designate the Polisario Front as a foreign terrorist organization (FTO).”
“للمضي نحو استقرار طويل الأمد في المنطقة، يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ الخطوة التالية وتُدرج جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية.”
دعوة صريحة إلى اتخاذ إجراء قانوني وأمني حازم ضد البوليساريو. تصنيفها كـ”منظمة إرهابية” لن يكون مجرد رمز، بل خطوة عملية تسمح بتجميد أصولها، ومعاقبة من يدعمها، والحد من نشاطها دوليا، وهو ما يضرب العمق اللوجستي الإيراني-الجزائري في المنطقة:
“The Polisario Front’s activities go far beyond the standard for a terror designation.”
“أنشطة جبهة البوليساريو تتجاوز بكثير المعايير المتعارف عليها لتصنيف الإرهاب.”
هذا تأكيد على أن البوليساريو ليست فقط مرشحة للتصنيف الإرهابي، بل تجاوزت حتى المعايير الدنيا المطلوبة لذلك. وهذا يعني أنها تقوم بأنشطة يمكن تصنيفها كأعمال إرهابية موصوفة: تهديد مباشر للأمن، عنف مسلح، وتمويل عبر وسائل غير مشروعة:
“Al-Sahrawi’s rise from the Polisario to the Islamic State underscores how militant ecosystems in the region overlap and evolve.”
“صعود عدنان أبو وليد الصحراوي من صفوف البوليساريو إلى تنظيم الدولة الإسلامية يبرز كيف تتداخل وتتطور المنظومات المتطرفة في المنطقة.”
شخصية عدنان أبو وليد الصحراوي مثال حي وخطير على الترابط العضوي بين البوليساريو والتنظيمات الإرهابية. المخيمات التي يفترض أن تعنى باللاجئين أصبحت “حضانات تطرف”، وما جرى مع الصحراوي ليس حالة معزولة، بل نموذج يمكن أن يتكرر ما دام هناك تواطؤ وتغاض دولي. يقول المثل المغربي الشعبي: “اللي دارها بيديه، يفكّها بسنيه”
والغرب، الذي أغمض عينيه طويلا عن تحركات إيران في الشرق الأوسط، مطالب اليوم بأن يصحح مساره قبل أن ينفجر الوضع على حدوده الجنوبية. فاستقرار المغرب ليس شأنا مغربيا فقط، بل حجر أساس في استقرار المتوسط وأوروبا.
وعليه، يدعو التقرير إلى ضرورة تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، أسوة بـ”حزب الله”، لأن التمييز بين “الانفصالية” و”الإرهاب” أصبح ترفا سياسيا لا وقت له في عالم تسيطر عليه أجندات العنف والتخريب.
إيران اليوم تلعب لعبة كبرى”اللّعب مع الكبار ماشي لعب الدراري”، تحاول من خلالها خلط الأوراق في كل رقعة نفوذ ممكنة. والسكوت عن ذلك ليس حيادا… بل شراكة في الجريمة:
“Morocco is the last reliable bulwark against this collapse… and Washington’s inaction sends the wrong signal in a region where strength alone shapes outcomes.”
“المغرب هو آخر حصن موثوق ضد هذا الانهيار… وتراخي واشنطن يرسل إشارة خاطئة في منطقة لا يحكمها إلا منطق القوة.”
التصريح هو تحذير واضح من أن تهاون الغرب، خاصة الولايات المتحدة، يغري المحاور المعادية بالمزيد من التمدد. المغرب ليس فقط بلدا في نزاع محلي، بل هو جدار صدّ ضد انهيار أوسع. تجاهله يضعف التحالفات ويقوّي معسكر التخريب الإيراني-الروسي:
“Designating the Polisario as an FTO would… degrade a key node in Iran, Russia, and China’s architecture of influence, and demonstrate that American commitments carry strategic consequences.”
“تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية… سيضعف نقطة ارتكاز محورية في بنية النفوذ الإيراني والروسي والصيني، ويُظهر أن التزامات أمريكا تحمل عواقب استراتيجية.”
إنه تسليط الضوء على الأثر العالمي لتصنيف البوليساريو: فهو لا يضرب الجبهة فقط، بل يقطع أحد شرايين التحالف الثلاثي المعادي للغرب. كما أنه اختبار لمصداقية أمريكا: هل التزاماتها مجرد أقوال أم أفعال تغير مجرى الأحداث فعلا؟