بقلم: زكية لعروسي

يقول المثل المغربي: “الخير ينسى، ولكن صاحبه لا ينسى”، وهذه الحكمة تختزل تماما النهج الذي يسير عليه جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في تعاطيه مع القضايا الإفريقية، خاصة تجاه دول الساحل التي تواجه تحديات أمنية وسياسية جسيمة. في وقت اختارت فيه بعض الدول الوقوف موقف المتفرج أو المتردد، أثبتت الدبلوماسية الملكية مرة أخرى أنها قائمة على مبادئ الوفاء والواقعية والتضامن الفعلي، وليس على الحسابات الضيقة أو المواقف المتقلبة كما هو حال “دبلوماسية بو هزاز” التي تتخبط في تناقضاتها وتبحث عن مصالحها على حساب استقرار المنطقة.
في هذا السياق، جاءت رسالة الشكر والتقدير التي بعث بها وزير الخارجية البوركينابي، السيد كراموكو جان ماري تراوري، إلى نظيره المغربي، السيد ناصر بوريطة، لتكون بمثابة اعتراف دولي جديد بالدور الفاعل الذي يلعبه المغرب في الساحة الإفريقية. حيث ثمّن الوزير البوركينابي قيادة المغرب لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، مشيدا بـ “لمسة المملكة المغربية التي تعتمد على الحوار البناء، والواقعية، والإنصات المتبادل”.

Screenshot

وهذا ليس بغريب عن المغرب، الذي طالما كان صوتا للعقل والحكمة في القارة. لقد أتاحت هذه المشاورات فرصة مهمة لسفراء الدول المعنية (بوركينا فاسو، الغابون، غينيا، مالي، النيجر، والسودان) لإجراء حوار صريح مع مجلس السلم والأمن، وعرض مستجدات المرحلة الانتقالية في بلدانهم. وهذا يعكس الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، الذي يرى أن الحلول الفعالة لا تأتي من التهميش أو العزل، بل من الانخراط في حوار بناء يعزز الاستقرار في المنطقة.
يقول المغاربة: “اللي دار الخير ما يندم”، والمغرب يدرك أن استثماره في علاقاته الإفريقية ليس مجرد مصلحة ظرفية، بل هو التزام تاريخي عميق. فمنذ عودته إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، وهو يسير بخطى ثابتة نحو تعزيز السلم والأمن والتنمية في القارة، بناءً على مقاربة تقوم على التضامن، وليس التدخل أو فرض الإملاءات.
في المقابل، نجد أن الجارة الشرقية، التي طالما ادّعت دعم القضايا الإفريقية، لم تستطع تجاوز عقدتها الدبلوماسية، حيث تعتمد على منطق “بو هزاز”، أي سياسة الصراخ والمزايدات دون أي تأثير حقيقي على الأرض. بينما يواصل المغرب العمل بصمت وفعالية، مفضلا الأفعال على الأقوال، وهو ما يتجلى في إشرافه على هذه المشاورات المهمة رغم أنه ليس طرفا في الأزمات السياسية داخل هذه الدول، لكنه يرى أن مسؤوليته الأخلاقية والتاريخية تحتم عليه الوقوف إلى جانب أشقائه في أوقات الشدة. فالمغرب.. “خيمة تستر الجميع”
إن السياسة الإفريقية للمغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لعقود من التعاون والشراكة الحقيقية. فقد كان المغرب دائما حاضنا للطلبة الأفارقة، مساندا لمشاريع التنمية، مشاركا في عمليات حفظ السلام، وداعما للحلول السياسية الواقعية بعيدا عن الشعارات الفارغة.
لقد أثبتت رسالة الشكر التي وجهها وزير الخارجية البوركينابي أن المغرب أصبح مرجعية دبلوماسية في القارة، حيث يعتمد على سياسة متماسكة تضع مصلحة الشعوب فوق كل اعتبار. وبينما تتخبط بعض الدول في تناقضاتها الدبلوماسية، يواصل المغرب تعزيز مكانته كفاعل مسؤول وصديق حقيقي لدول إفريقيا، مسترشدا بتوجيهات جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، الذي يضع القارة السمراء في صميم استراتيجيته الدولية، ليس بالكلام، بل بالفعل والعمل.
وكما يقول المغاربة: “الدنيا دوارة، وللي دار الخير يلقاه”، والمغرب ماض في طريقه، شامخا بثوابته، واثقا من أن الزمن كفيل بفرز من يعمل بإخلاص، ومن يتقن فن الخطابات الجوفاء.